للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفي العدول عن صريح الاسم إلى قوله: ﴿أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ﴾ تفخيمًا (١) بواسطة الإبهام المضمَّن في إيراده موصولًا، مع تحقيقِ أن القيام كائن وهم محقِّقون، ما يداهش (٢) له الألباب، ويقضي من بديع إيراده العجبَ العجاب، وفي قوله: ﴿وَجَعَلُوا لِلَّهِ﴾ بوضعه مقامَ المضمر الراجع إلى (مَن) دلالةٌ على أن (٣) المتوحِّد ذاتًا واسمًا جعلوا له (٤) شركاءَ لا شريكًا كذلك، ولا يَهْلِك على الله إلا هالك، وفي حذف الخبر تعظيمًا للقالة وتحقيرًا لمن هو (٥) بتلك الحالة ما لا يخفى من الجزالة.

﴿قُلْ سَمُّوهُمْ﴾ كان قوله: ﴿أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ﴾ كافيًا في هدم قاعدة الإشراك؛ للتفرع السابق، والتحقيقِ بالوصف اللاحق، وهو إبطالٌ من طرف الحق، فذيَّله بإبطاله من طرف النقيض على أبلغ وجه؛ أي: ألزمْهم بذلك، فإنهم إنْ سمَّوهم قالوا: حجر أو خشب أو نحاس أو نحو ذلك، فافتَضَحوا بإشراكهم بمن لا يستحق العبادة إلا هو وحده، رُوعي فيه أنه لا أسماء للشركاء فضلًا عن المسمَّى على الكناية الإيمائية، ثم بولغ فيه بأنه لا يستأهل السؤال عن حالها لظهور فساده (٦)، وسلك فيه مسلك الكناية التلويحية من نفي العلم على نفي المعلوم، ثم منه على عدم الاستئهال.

﴿أَمْ تُنَبِّئُونَهُ﴾: بل أتنبئونه ﴿بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ﴾: بشركاء لا يعلمهم في


(١) في (ف): "تفخيم".
(٢) في (ك): "يدهش".
(٣) في (ك): "أنه".
(٤) في (ك): "لله".
(٥) في (ف) و (م): "أن".
(٦) "فساده" كذا في النسخ، وفي "حاشية الشهاب" (٥/ ٢٤٣)، و"روح المعاني" (١٣/ ١٦٦): (فسادها)، والكلام من "الكشف" كما صرح الآلوسي.