للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ملَكًا يَذُبُّون عنه كما يُذَبُّ عن قصعة العسل الذبابُ، ولو وُكِل العبد إلى نفسه طرفةَ عين لاختطفته الشياطين" (١).

وإنما خُصَّ هذا النوع من الآفَات بالإضافة إلى أمر الله، وإن كان كلُّها بأمره تعالى؛ لعدم ظهور أسبابها العادية.

هذا ما عندي، والذي ذكره القوم: أنه صفةٌ لـ ﴿مُعَقِّبَاتٌ﴾ كـ ﴿يَحْفَظُونَهُ﴾؛ أي: له معقِّبات ثابتةٌ من أمر الله يحفظونه، أو متعلق بـ ﴿يَحْفَظُونَهُ﴾؛ أي: يحفظونه من أجْل أمر الله تعالى، يعني: من أجل أن الله تعالى أمرهم بحفظه، ولا يدل عليه قراءةُ: (بأمر الله) (٢)؛ لجواز تعلُّقه بالسابق؛ أي: معقِّبات بأمر اللّه.

أو: يحفظونه من بأس الله إذا أذنب بالاستغفار، أو الاستمهال عسى أن يتوب.

وقيل: المراد من المعقبات: الحرس والجَلَاوِزة حول السلطان يحفظونه في توهُّمه من قضاء الله أوعلى التهكُّم به.

﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ﴾ من العافية والنعمة إلى البلاء والنقمة.

﴿حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ من الصلاح والطاعة إلى الفساد والمعصية.

﴿وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ﴾: فلا رادَّ له، والعامل في (إذا) ما دل عليه الجواب.

﴿وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ﴾: ممن يلي أمرهم فيدفعُ عنهم السوءَ، أو يدفعه


(١) رواه الطبراني في "الكبير" (٧٧٠٤) من حديث أبي أمامة . قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٧/ ٢٠٩): (فيه عفير بن معدان وهو ضعيف).
(٢) نسبت لجمع منهم علي وابن عباس . انظر: "المحتسب" (١/ ٣٥٥)، و"الكشاف" (٢/ ٥١٧)، و"البحر" (١٣/ ٤٥).