للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٤) - ﴿وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾.

﴿وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ﴾ هم مؤمِنو أهلِ الكتابِ كعبدِ الله بن سَلامٍ وأضرابِه، معطوفون (١) على ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ﴾، داخلونَ معهم في جُملة المتَّقينَ دخولَ أخصَّ (٢) تحتَ أعمَّ؛ إذْ المرادُ بأولئك: الذينَ آمنوا وليْسوا بأهل الكتابِ، وبهؤلاء مُقابِلوهُم، فكانتْ الآيتانِ الكريمتان تفْصيلاً للمتَّقين.

وانَّما قدَّم غيرَ الكتابيِّ لأنَّ تصديقَهم بتلك المغيَّباتِ أغربُ، إذْ هم لم يسمعوا شيئاً منها إلى أنْ أَخبر به النبيُّ ، فهُم بالمدح بذلك الوصفِ أحقُّ، ومن ذلك تبيَّن وجهُ تخصيصِ التَّعبيرِ بالغيبِ عن المصدَّقِ به في حقِّهم، مع أنَّ مُتعلَّق التَّصديق لكلا الفريقينِ واحدٌ، وظهر أنَّ ما فُصِّل بقوله: ﴿بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ﴾ الآيةَ هو بعَيْنه ما عُبِّر عنه إجمالاً بقوله: ﴿بِالْغَيْبِ﴾.

﴿إِلَيْكَ﴾ أصله: إلَاكَ، قُلِبَ فرْقاً بينَ الإضافة إلى المُكنى وغيرِه.

والإنزال: نقْلُ الشَّيءِ من أعلى إلى أسفلَ، وهو إنَّما يَلحق المعانيَ بتوسُّطِ لُحوقه الذَّواتِ الحاملةَ لها؛ كما في إنزال القرآنِ، فإنَّه أُنزل جملةً من اللَّوح إلى سماء الدُّنيا، ثمَّ نُزِّل منها على لسان جبريلَ مُنجَّماً على الرَّسول ، أو للنُّقوش الدالةِ عليها؛ كما في إنزال التَّوراةِ، فإنَّها قد أُنزلت على موسى مكتوبةً على الألواح، فإنْ كان المرادُ جميعَ ما أُنزل عليه إلى حينِ نُزول هذه الآية كما هو الظاهر، فالأمرُ هيِّنٌ، فإن الإيمان (٣) بالمُترقَّب غيرُ واجبٍ وذلك بيِّنٌ،


(١) في "ف": (عطف).
(٢) في "ح " و"د" و"ف": (أخصين).
(٣) في "ح " و"ف": (فالأمر حين الإيمان)، وفي "ك" و"م": (فالأمر بين فإن الإيمان"، والمثبت من "د".