للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولَمَّا ورد النَّهي عن الاستغفار للمشركين قال النَّاس: إن إبراهيم استغفر لأبيه المشرك (١)، فنزلت هذه الآية (٢).

* * *

(١١٤) - ﴿وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ﴾.

﴿وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ﴾ يعني: بعد موته على الشرك؛ لأن الاستغفار له قبل الموت لا يصلح متمسَّكًا للقائل المذكور - وذلك ظاهر - فلا ينطبق سببُ النزول.

﴿إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ﴾ وقرئ: (أباه) (٣)؛ أي: وعدها إبراهيم بقوله: ﴿سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي﴾ [مريم: ٤٧]، فأنجز وعده؛ فإن إنجاز الوعد واجب، ولم يكن موته على الشرك ظاهرًا حينئذ (٤) عنده ، كما هو الظاهر من قوله تعالى:

﴿فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ﴾ وهذا التَّبيين عنده كان يومَ الجزاء على ما ورد في الحديث الصحيح (٥).


(١) "المشرك" من (م).
(٢) رواه بنحوه النَّسَائِيّ (٢٠٣٦)، والترمذي (٣١٠١) وحسنه، من حديث علي .
(٣) نسبها ابن خالويه لحماد الراوية ثم قال: ويقال: إنه صحفه. انظر: "المختصر في شواذ القراءات" (٥٥).
(٤) "حينئذ"سقط من (ك).
(٥) لعله يقصد ما رواه البخاري (٣٣٥٠) عن أبي هريرة ، عن النبي ، قال: "يلقى إبراهيم أباه آزر يوم القيامة، وعلى وجه آزر قترة وغبرة، فيقول له إبراهيم: ألم أقل لك لا=