للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾.

﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ﴾ استعار الاشتراء لإثابتهم الجنة على بذل الأموال والأنفس في سبيل الله تعالى.

ولم يقل: (بالجنَّة)؛ مدحًا لهم باعتبار أنهم بذلوا أنفسهم وأموالهم (١) بمجرد الوعد، وفيه كمال ثقتهم بوعده تعالى، وأيضًا تمامُ الاستعارة المذكورة به؛ إذ لا بُدَّ لها من قرينةٍ مانعةٍ عن إرادة الحقيقة، ولو قيل: (بالجنة) لم تُوْجَد تلك القرينة؛ لأنَّ الجنَّة صالحةٌ لأنْ تكون أَحَدَ العِوَضَيْن، بخلاف الوعد بها.

﴿يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ استئناف لبيان الاشتراء، لا لبيان ما لِأَجْلِه الشِّراء.

وقيل: خبر بمعنى الأمر، كقوله: ﴿وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ﴾ [الصف: ١١] إظهارًا لاهتمامهم بالمأمور به، كأنهم سارَعوا إلى الامتثال، فأخبر عنه، فعلى هذا يكون الاشتراء تمهيدًا له.

﴿فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ﴾ تفصيل لمقاتَلتهم (٢)، وبيانٌ لإحرازهم فضيلتي الجهاد.

وقرئ بتقديم المبني للمفعول (٣)، ومبناه على إسنادِ فعل البعض إلى الكلِّ، وفيه دلالة على ثبات قلوبهم وجرأتهم (٤) على العدوِّ، حيث لم ينكسروا بأن قُتِلَ بعضهم، كما قال تعالى: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا﴾ (٥).


(١) "وأموالهم" زيادة من (م).
(٢) في (م): "لمقاتلهم"، وفي هامشها إشارة لنسخة: "لمقاسيهم".
(٣) وهي قراءة حمزة والكسائي. انظر: "التيسير" (ص: ٩٣).
(٤) في (م): "جرأتهم".
(٥) قرأ الكوفيون وابن عامر: ﴿قَاتَلَ مَعَهُ﴾، وقرأ الباقون: (قُتِلَ) بضم القاف وكسر التاء من غير=