للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾؛ أي: لا يهديهم من حيث هم ظالمون إلى ما فيه صلاح ونجاة، وقد مَرَّ أنَّ نفي الهداية في مثل هذا على طريقة تنزيل ما لا أثر له منزلةَ العدم، وإلَّا فالله هادي الكلِّ إلى مصالحهم.

* * *

(١١٠) - ﴿لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾.

﴿لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا﴾: بناؤهم الذي بنوه، مصدرٌ أُريدَ به المفعول، وقيل: هو جمع واحدُه: بنيانةٌ، وحينئذ يكون ﴿الَّذِي﴾ بمعنى: الذين.

والإخبار بقوله: ﴿رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ﴾ عن المضاف المحذوف؛ أي: بناء بنيانهم الذي بنوها سببَ ريبة؛ فإنَّه حملهم على ذلك، ثمَّ لَمَّا هدمَه رسولُ اللّه - صلى اللّه تعالى عليه وسلم - رسخَ ذلك في قلوبهم، وازدادوا نفاقًا بحيث لا يزول وَسْمه من قلوبهم.

﴿إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ﴾ قِطَعًا، بحيث لا يبقى لها قابليةُ الإدراك والإضمار (١)، فالتقطيع تصوير لامتناع زوال السّكر (٢) عن القلوب مع بقائها، وأن زواله (٣) لا يكون إلا بزوالها (٤)، وهو في غاية المبالغة.

والاستثناء من أعمِّ الأزمنة؛ أي: وقتَ أن تقطَّع. وهو في محل النَّصب على الظَّرف.


(١) في (ف): "قابلية الإضمار أو الإدراك".
(٢) في (م): "الشكر"، وفي (ف): "التنكير". وقوله: "السكر" إن كان بفتح السين والكاف فيحتمل الغيظ والغضب، وكذا كل ما يُسكر فهو سَكَرٌ، وإن كان بكسر السين وسكون الكاف فالمراد: ما يسد تلك القلوب ويمنعها عن الإيمان.
(٣) في (م): "زوالها".
(٤) في (ف): "بزواله"، وفي (ك) و (م): "بزوال". والصواب المثبت.