للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾: وأنَّ مِنْ شأنه قَبولُ توبةِ التَّائبين مرَّةً بعدَ أخرى، والتَّفضُّلُ عليهم بالتَّجاوز عمَّا وقع بين التَّوبتَيْن، والواو للعطف على مُقدَّر، كأنَّه قيل: إن الله هو البَرُّ الكريم، تعليل للكناية المذكورة، وحذفُ أداة التَّعليل لأنَّه قياسيٌّ (١)، وتقديمُه على ما ذكر في تعليل قَبول التَّوبة للتَّقريب بين التَّعليل والمعلَّل مهما أَمْكَن، فتأمَّل.

* * *

(١٠٥) - ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾.

﴿وَقُلِ اعْمَلُوا﴾ ما شئتم، ظاهرُه أمرٌ وباطنُه وعدٌ ووعيدٌ، والخطاب للجميع.

﴿فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ﴾ خيرًا كان أو شرًا، وقد مرَّ بيانُه.

﴿وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾ وفي الخبر: لو أنَّ رجلًا عمل في صخرة لا بابَ لها ولا كوَّة، يخرج عمله إلى النَّاس كائنًا ما كان (٢).

﴿وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ﴾ قد مَرَّ بيانُه، وإنَّما أتى هنا بدل (ثم) حرفُ


(١) في (ف): "مع أن قياسي"، وفي (ك) و (م): "مع أنه قياس". والصواب المثبت. انظر: "حاشية الشهاب على البيضاوي" (٤/ ٣٦١ - ٣٦٢). ثم نقل الشهاب تعقبًا عليه فقال: (وقيل عليه: إنه لا حاجة إلى الاعتذار عن حذف أداة التعليل؛ لإمكان تقديرها في المعطوف عليه المقدر، وكل ذلك من ضيق العطن).
(٢) رواه الإمام أحمد في "المسند" (١١٢٣٠)، وأبو يعلى في "مسنده" (١٣٧٨)، وابن حبان في "صحيحه" (٥٦٧٨)، والحاكم في "المستدرك" (٧٨٧٧) من حديث أبي سعيد الخدري .