للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بالرفع على أن (كان) تامةٌ (١)، والنصبُ أوفق لقوله: ﴿فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً﴾.

ولا يجوز أن يكون الضميران في ﴿كُنَّ﴾ و ﴿كَانَتْ﴾ مبهَمَين مفسَّرَينِ بـ ﴿نِسَاءً﴾ و ﴿وَاحِدَةً﴾ منصوبَين على التفسير على أنَّ (كان) تامةٌ؛ لأن (كان) ليست من الأفعال التي يكون فاعلها مضمرًا (٢) يفسره ما بعده، بل هذا مختص من الأفعال بنعم وبئس وما حمل عليهما.

اختلف في الثنتين، فقال ابن عباس : حكمُهما حكمُ الواحدة؛ لأنَّه تعالى جعل الثلثين لمَا فوقهما (٣).

وقال الباقون: حكمُهما حكمُ ما فوقَهما؛ لِمَا قرَّرناه فيما سبق، وقولُه تعالى: ﴿فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ﴾ لبيانِ أنَّ كثرة عددِهن لا يزيد على ما لهنَّ عند التعدُّد والانفراد عن الذكور، فشرطُ المفهوم مفقودٌ، على أنه لا يعارض المنطوقَ، والوجهُ الذي قدَّمنا (٤) من قَبيل المنطوق.

وأمَّا ما قيل: إنَّ البنتين أمسُّ رَحمًا من الأختين اللتين تُحرزان الثُّلثين، فهما أولى بذلك الإحراز.

فيَرِدُ عليه: أن الابن مع كونه أمسَّ رحمًا من ابن الأخ قد لا يحرِز ما يُحرزه، كما


(١) هي قراءة نافع، وقرأ باقي السبعة بالنصب. انظر: "التيسير" (ص: ٩٤).
(٢) في (ح) و (ف): "ضميرًا".
(٣) ذكره ابن عبد البر في "التمهيد" (٥/ ٣٢٣) وقال: هذه الرِّوَايَةُ مُنْكَرَةٌ عندَ أهلِ العلمِ قاطِبَةً، كُلُّهُم ينكرها ويدفعها بما رواه ابن شِهَابٍ عن عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ بن عتبة بن مسعود عن ابن عبَّاس أَنَّهُ جَعَلَ للبنتَيْنِ الثُّلُثَيْنِ، وعلى هذا جماعةُ النَّاسِ، وقد رُوِيَ عن النَّبيِّ مِن أخبارِ الآحادِ العُدُولِ مِثْلُ ما عليه الجماعَةُ في ذلك.
(٤) في (م) و (ك): "قدمناه".