للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عباد الله! فلما كان يوم الخميس قبل خمسة أيام من وفاته - صلى الله عليه وسلم -؛ اشتد الوجع برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال للمسلمين حوله: "ائتوني أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده" فتنازعوا، وما ينبغي عند نبي تنازع .. فقال لهم "دعوني فالذي أنا فيه خير" (١).

ثم أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يخرج للخطبة. فقال لأهله: "أهريقوا علي من سبع قرب لم تُحَلُ أوكيتها، لعلي أعهد إلى الناس".

تقول عائشة -رضي الله عنها- "فأجلسناه في مخصب لحفصة، ثم طفقنا نصب عليه من تلك القرب، حتى طفق يشير إلينا بيده" أن قد فعلتن، تقول -رضي الله عنها- ثم خرج إلى الناس فصلى بهم وخطبهم (٢).

يقول أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - "خطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناس فقال: "إن الله خير عبداً بين الدنيا وبين ما عنده، فاختار ذلك العبد ما عند الله".

قال أبو سعيد: "فبكى أبو بكر، فعجبنا لبكائه أن يخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن عبد خير، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو المُخَيرُ، وكان أبو بكر أعلمنا".

فقال - صلى الله عليه وسلم -: "إن أمنَّ الناس علي في صحبته وماله أبو بكر، ولو كنت متخذاً خليلاً غير ربي لاتخذت أبا بكر، ولكن أخوة الإِسلام ومودته، لا يبقين في المسجد باب إلا سد، إلا باب أبي بكر" (٣).

عباد الله! اشتد الوجع برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأخذ يوصي أمته وأصحابه في


(١) متفق عليه، رواه البخاري (رقم ٤٤٣٢)، ومسلم (رقم ١٦٣٧).
(٢) رواه البخاري (رقم ١٩٨).
(٣) متفق عليه، رواه البخاري (رقم ٤٦٦)، ومسلم (رقم ٢٣٨٢).