عباد الله! فها هم اليهود قديماً، خرج وفدٌ منهم من خيبر إلى كفار مكة يحرِّضونهم ويؤلبونهم على غزو رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، ووعدوهم من أنفسهم بالنصر لهم، بل وشهدوا لهم بأن الشرك الذي هم عليه خيرٌ من الإِسلام الذي جاء به محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، وشهدوا لهم أيضاً بأنهم أهدى من محمَّد - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه وفيهم قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا (٥١)} [النساء: ٥١].
فأجابهم أبو سفيان لذلك، ثم انطلقوا إلى القبائل المجاورة ودعوهم إلى ما دعوا قريشاً إليه، فأجابتهم القبائل العربية أيضاً، وتواعدوا على المسير إلى المدينة، واجتمع بهذا التحريض -من اليهود- جيش قوامُهُ نحو عشرة آلاف مقاتل وذلك لاستئصال المسلمين في المدينة.
[عباد الله! العنصر الثاني: الرسول- صلى الله عليه وسلم - والصحابة -رضي الله عنهم في المدينة يستعدون لملاقات العدو]
لما وصل الخبر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخروج هذا الجيش الكبير إلى المدينة، عقد مجلساً استشارياً مع أصحابه الكرام - رضي الله عنهم- ليشاورهم في خطة الدفاع عن المدينة فأشار عليه بعض الصحابة وهو سلمان الفارسي - رضي الله عنه -