للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مكة وخلى سبيلهم- وهم ألفان" (١)،

ثالثاً: وزيادة في الاحتياط وأخذاً بالأسباب، أرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى صفوان بن أمية -وهو لا يزال على شركه- يستعير منه أسلحة ودروعاً، فقال له: "أعطنا سلاحك هذا، نلقي به عدوَّنا غداً -إن شاء الله-".

فقال صفوان: أغصبٌ يا محمَّد؟

قال - صلى الله عليه وسلم -: "لا بل عارية مؤداةٌ" فأعاره ثلاثين درعاً وثلاثين بعيراً (٢).

عباد الله! خرج رسول الله- صلى الله عليه وسلم - بجيش المسلمين من مكة، وفي الطريق عيون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تتقدم الجيش لتأتي بأخبار العدو، وجاء رجلٌ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله إنِّي انطلقت بين أيديكم حتى طلعت جبل كذا وكذا، فإذا أنا بهوازن عن بكرة أبيهم بظعنهم ونعمهم ونسائهم، اجتمعوا إلى حنين، فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: "تِلك غنيمة المسلمين غداً -إن شاء الله تعالى-" (٣) وهذه بُشرى.

وفي الطريق وجيش المسلمين يسير بهذا العدد الكبير؛ نظر المسلمون بعضهم إلى بعض والأرض قد امتلأت بهم، فقال بعضهم: لن نُغلبَ اليوم من قلةٍ، ولذلك عاتبهم الله في كتابه فقال تعالى: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ


(١) متفق عليه، رواه البخاري (رقم ٤٣٣٧)، ومسلم (رقم ١٥٠٩ بعد ١٣٥).
(٢) "صحيح أبي داود" (٣٠٤٥).
(٣) "صحيح أبي داود" (٢١٨٣).