للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دلت مقالة الماوردي آنفة الذكر إن جهوده قد انصبت على إيراد الأعلام الدالة على نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلّم، من دون تحميلها فوق طاقتها من إيراد أخبار تشتت فكر القارىء وتبعده عن الموضوعية والتدرج في عرض تلك الأعلام، ولأجل هذا المنحى الذي انتهجه الماوردي كان كتابه هذا اسهاما جادا في تطور كتابة الأعلام والدلائل على نبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلّم في مصنفات مستقلة من جهة وأثر هذه المصنفات في تطور كتابة السيرة من جهة أخرى، وذلك بما طرحه من محاور لم تألفها المصادر التي سبقته في هذا الجانب، وهذه المحاور هي:

١. كتابة مدخل توضيحي للكتاب ومضامينه «٦١» ، وهذا الأمر قد اختصت به المصنفات التي تناولت الأعلام الدالة على نبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلّم، والتي كتبت في عصر الماوردي، إذ قدم أبو نعيم الأصفهاني مدخلا توضيحيا افتتح به كتابه [دلائل النبوة] وضح فيه عملية الاصطفاء الإلهي للأنفس التي يختارها الله للرسالة والنبوة مع التعريف لمعنى النبوة والرسالة والوحي والعناصر المتممة لها «٦٢» ، كذلك فعل البيهقي الشيء نفسه عندما ابتدأ كتابه [دلائل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة] بمقدمة أوضح فيها طريقة عرض الكتاب وطبيعة الأخبار التي ذكرها فيه مع سرد لمباحث الكتاب وأبوابه «٦٣» .

اتفق الماوردي في منحاه مع منحى معاصريه، ولكنه اختلف معهم في المضمون الذي حواه مدخله لكتابه أعلام النبوة، إذ اتسم مدخله الذي أسماه


(٦١) ينظر، المصدر نفسه، ص ٩- ٥٤.
(٦٢) ينظر، دلائل النبوة، ١/ ٣٢- ٣٨.
(٦٣) ينظر، دلائل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة، ١/ ٥- ٧١.

<<  <   >  >>