نوع أتفق أهل العلم بالحديث على صحته وهذا على حزبين أحدهما أن يكون مرويا من أوجه كثيرة وطرق شتى حتى دخل في حد الانتشار وبعد من توهم الخطأ فيه، أو تواطؤ الرواية على الكذب فيه فهذا الضرب من الحديث يحصل به العلم المكتسب ومن ذلك ما روي في المعجزات والفضائل والأحكام، فقد روي بعض أحاديثها من أوجه كثيرة، والضرب الثاني أن يكون مرويا من جهة الاحاد، ويكون مستعملا في الدعوات والترغيب والترهيب ... وأما في المعجزات ... فقد روت فيها أخبار الاحاد في ذكر أسبابها إلا أنها مجتمعة في إثبات معنى واحد وهو ظهور المعجز على شخص واحد ... ، بل إذا جمع بينها وبين الأخبار المستفيضة في المعجزات والايات التي ظهرت على سيدنا المصطفى صلى الله عليه وسلم دخلت في حد التواتر الذي يوجب العلم الضروري وتثبت بذلك خروج رجل من العرب يقال له محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ادعى أنه رسول رب العالمين وظهرت عليه الايات وأورد على الناس من المعجزات التي باين بها من سواه بما آمن عليه من أنعم الله عليه بالهداية مع ما بقي من أمته من القرآن المعجز" «٢٥» .
ومن ثم فقد أصبح من المتيقن أن كتّاب الدلائل قد أرادوا إثبات هذه الروايات لأنها قد اتفقت على معنى واحد وهو ظهور المعجزات من شخص الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم مع اختلاف في فحوى هذه المعجزات وكيفياتها.
(٢٥) دلائل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة، ١/ ٣٢- ٣٦.