للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى وجود عامل ساعد على جمع هذه الجوانب وذلك بكون ابن الجوزي قد وضع كتابه هذا على أساس الموضوع في عرضه لمضامين الكتاب، إذ كانت هذه المضامين غير خاضعة لمقياس القدم والتسلسل في عرض الحدث التأريخي، وهذا ما أشارت إليه مقدمة كتابه الذي عرض فيه أبوابه ومباحثه «١٩١» .

لم تقتصر هذه السيرة التي كتبها ابن الجوزي للرسول صلى الله عليه وآله وسلّم على هذا المنحى فقط بل صاحبته مناح أخرى كانت بمجملها نقلة نوعية تسجل لهذه السيرة، مع إسهام في تطور كتابتها، وهذه المناحي هي:

١. حذف الأسانيد من الروايات سواء أكانت روايات شفوية أم اقتباسات من مصنفات مكتوبة حصل على إجازة لروايتها «١٩٢» .

علل ابن الجوزي منحاه هذا بالقول: " ولا أطرق الأحاديث خوفا على السامع من ملالته" «١٩٣» .

بين لنا هذا المنحى الذي أنتهجه ابن الجوزي في كتابه هذا الاسترسال في ذكر الروايات الغثة والسمينة منها، لأن إيراد هذه الروايات محذوفة السند يبين لنا العفوية وعدم التدبر في إثباتها، حتى شكل ذلك أمرا أظهر فيه أن الإسناد قد بلغ في عصر ابن الجوزي من الوهن مداه، إذ اكتفى المصنفون بالاعتماد على النقولات من الكتب التي سبقتهم وترك الروايات المسندة بطريق شفاهي.

٢. اعتماده على المصنفات التي كتبها العلماء السابقون عليه والتي تعرضت للسيرة من قريب أو بعيد وإشارته إليها في مواضع كثيرة من كتابه «١٩٤» ، وهذا


(١٩١) ينظر، الوفا، ص ٢- ٢٩.
(١٩٢) ينظر، المصدر نفسه، ص ٣٤، ٣٩، ٦٧، ٧٤، ٨٨، ٩١، ١٠٠، ١١٠، ١١٦.
(١٩٣) المصدر نفسه، ص ١.
(١٩٤) ينظر، المصدر نفسه، ص ٣٨، ٣٩، ٧٢، ١٠٠، ١٠٤، ١١٠، ١٤٢، ١٧٢، ١٩١، ٢٤٠، ٢٨١، ٣٧٩، ٣٨٢.

<<  <   >  >>