للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أشار إلى ذلك بمقدمته التي يقول فيها: " واستعنت به في إتمام ما قصدته [تصنيف كتاب في دلائل النبوة] مع ما نقل إلينا في شرف أصله وطهارة مولده وبيان أسمائه وصفاته وقدري حياته ووقت وفاته وغير ذلك مما يتعلق بمعرفته صلى الله عليه وسلم ... والاعتماد على جملة ما تقدمه من الصحيح أو المعروف عند أهل المغازي والتواريخ" «١٣٦» ، ولأجل ذلك كانت هذه الكلمات معبرة عن فحوى الكتاب ومضامينه التي جعلتنا نضعه ضمن مصنفات السيرة الشاملة.

شكل هذا الكتاب نقلة نوعية في كتابة السيرة وذلك للإسهامات التي أضفاها والتي تضمنت محاور وأساليب مثلت حلقة مهمة من حلقات التطور في كتابة السيرة النبوية، وهذه الإسهامات هي:

١. كتب البيهقي كتابه هذا على وفق منظور فلسفي وكلامي، وبعبارة أدق كتب سيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم ميرزا فيها الجانب الإعجازي الذي تضمنها، إذ جعل من سيرة الرسول بمجملها معجزة من المعاجز التي لا تصدر عن أي كائن حي إلا كان نبيا مرسلا من الله سبحانه وتعالى، ولأجل ذلك نراه قد برز قبل استعراضه لهذه السيرة الخوارق والنبوءات السابقة للأنبياء والأصفياء والصالحين ومعاجزهم ومقارنتها بمعاجز الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم «١٣٧» .

كان لهذا المنحى الذي سلكه البيهقي صدى في العديد من المصنفات التي كتبت عن سيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم، إذ أشار ابن حزم الظاهري (ت ٤٥٦ هـ) إلى هذا الأمر بقوله: " وأن سيرة محمد صلى الله عليه وسلم لمن تدبرها تقتضي


(١٣٦) دلائل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة، تحقيق عبد المعطي قلعجي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط ١٩٨٦، ١، ١/ ٦٩.
(١٣٧) ينظر، المصدر نفسه، ١/ ٧٥- ٣٩١، ٢/ ٣- ٢٥٩.

<<  <   >  >>