للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لأنسفهم أن يحملوا تلك الأقوال القادحة في دينهم القاذفة في أعراض نبيهم وصحابته، إذ يرون في حملها وزرا وفي روايتها نكرا" «٧٩» .

هذه هي الأسباب التي وقفت حائلا دون تكرار تجربة ابن إسحاق في رواية الشعر المقذع الذي ظل حبيس القلوب لا الورق مما استحسن الرواة والمهتمون بأخبار السيرة وشعرها الأمر الأول الذي ذكرناه آنفا لما فيه من استراحة لنفوسهم وإرضاء لجمهور المسلمين.

رابعا: حذف الأشعار للاختصار، لم يكتف ابن هشام بما حذفه من شعر السيرة لعدم صحة نسبته لقائليه أو لرداءة وزنه الشعري، أو للقذع الذي اعتراه، بل راح يحذف بعض ما تبقى من هذا الشعر اختصارا لما يريد كتابته من أحداث مرت بالرسول صلى الله عليه وآله وسلّم وصحابته في أثناء الدعوة الإسلامية، إذ أوضح أحد الباحثين هذا الأمر بالقول: " وجد ابن هشام بين يديه كمية ضخمة من الأشعار التي ضمنها ابن إسحاق في سيرته وكانت هذه الأشعار هي شاغله الأكبر حين عزم على تنقيح السيرة واختصارها ومن ثم كان حذفه لكثير منها بين منحول أو رديء أو مقذع، ولكن يبدو أنه لم يجد ذلك كافيا لإخراج السيرة على الصورة التي يريدها وأن الأشعار ما زالت بالكثرة التي تزيد على المطلوب أو ربما وجد كثرتها تكاد تطغى على أحداث السيرة وأخبارها التي تمثل جوهرها الحقيقي وعمادها الرئيسي، فرأى أن يختصر جانبا آخر من هذه


(٧٩) أحمد، شعر السيرة، ص ٢٠٧.

<<  <   >  >>