للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالمثالب والصفات النابية وهذا ما وضع رواة هذا الشعر ومدونيه في أمرين لا ثالث لهما، الأمر الأول تقبل هذا الوضع (حذف هذه الأشعار) على الرغم من غياب بعض الحقائق التأريخية والسمات التي كان يتصف بها الأشخاص المقذع فيهم إن صدقت دعوى قائليها، وهذا الأمر يشعرنا بوجود فجوة كبيرة في معرفة شخصيات تلك الحقبة التاريخية وطباعهم وتصرفاتهم التي انعكست بطبيعة الحال على سلوكهم اليومي، وهذا الأمر يعد عقبة تعيق عمل الباحثين من طلاب الحقيقة من الجمهور، إذا ما علمنا أن ابن كثير الدمشقي (ت ٧٧٢ هـ) قد ذكر بعد إيراده للأشعار التي أوردها ابن هشام في غزوة أحد: " إن ابن إسحاق في يوم أحد قد روى أشعارا كثيرة تركنا كثيرا منها خشية الإطالة وخوف الملالة" «٧٣» ، وهذا ما يبين أن ما خفي من تلك الأشعار كان أعظم مما وصل إلينا، أما الأمر الثاني فهو رواية وتدوين تلك الأشعار، وهذا ما يدخل قائليه وسامعيه في دوامة لا مخرج منها وذلك لأسباب عدة:

١. حرمة سماع السباب والفحش في حق الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم وقتل الذي يقوم بسبه، بإجماع المسلمين كافة على ذلك «٧٤» ، وهذا الأمر ناشئ من أن ذلك يعد استخفافا بحق هذا الرسول العظيم.

أشار السهيلي (ت ٥٨١ هـ) إلى هذا الأمر بمقالته التي مفادها: " ولكني لا أعرض لشيء من أشعار الكفرة التي نالوا فيها من رسول الله إلا بشعر من أسلم


(٧٣) البداية والنهاية، ٤/ ٦٠.
(٧٤) ينظر، ابن تيمية، الصارم المسلول على شاتم الرسول، تحقيق محيي الدين عبد الحميد، عالم الكتب، بيروت، ١٩٨٢، ص ٣- ٤.

<<  <   >  >>