للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولا: حذف الأشعار المنحولة، إذ تمثل هذا الحذف بعبارته التي افتتح بها كتابه والتي مفادها: " وتارك ذكر ... أشعارا ذكرها لم أر أحدا من أهل العلم بالشعر يعرفها" «٦٠» ، إذ نلمس من هذا الكلام وجود قناعة خاصة في معرفة الأشعار المنحولة التي أثبتها ابن إسحاق في سيرته.

تمثلت هذه الفكرة التي نهجها ابن هشام في مواطن عديدة من السيرة التي كتبها للرسول صلى الله عليه وآله وسلّم «٦١» ، فمن هذه المواطن تعليقه على الشعر الذي أورده ابن إسحاق والذي تضمن ما قاله عبد المطلب جد الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم في حادثة ذبح ولده عبد الله: " وبين أضغاث هذا الحديث رجز لم يصح عندنا عن أحد من أهل العلم بالشعر" «٦٢» .

علل أحد الباحثين منحى ابن هشام هذا بالقول: " وعموما فان ترك ابن هشام للأشعار المنحولة التي أوردها ابن إسحاق في سيرته والتي لم تصح لديه، لعدم معرفة أحد من أهل العلم بالشعر بها أو لإنكار ثقات لها واقتناعهم بعدم صحتها، هو عمل توثيقي عظيم خلص شعر السيرة من أخطر سوءة كانت تشوه حقيقته، وأعاد إلينا الكثير من الثقة والاطمئنان إلى أصالته" «٦٣» ، ولكن هذا الرأي فيه من المبالغة والتسرع في طرح وجهات النظر الشيء الكثير إذ إن حذف ابن هشام لهذا الشعر الذي خلص السيرة بحسب رأيه من التشويه قد أفقدنا من الناحية التأريخية والعلمية بعض الإشارات والأساليب التي استعملت


(٦٠) السيرة، ١/ ٤.
(٦١) ينظر، السيرة، ١/ ٥١- ٥٢، ٦٥، ١١٦.
(٦٢) المصدر نفسه، ١/ ١٥٥.
(٦٣) أحمد، شعر السيرة النبوية، ص ٢٢١.

<<  <   >  >>