للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[بها] وعقدت الحناجر وأزال [ت] الإبهام" «٥٢» ، وهذا الأمر راجع إلى المنهج الذي اتبعه ابن هشام في تهذيبه لسيرة ابن إسحاق، والذي أكسب كتابة السيرة تطورا ملحوظا، إذ تمثل هذا التطور بعدة أمور هي:

١. حذف الأخبار التي يشنع ذكرها وسماعها أو الأحداث التي لا علاقة لها بالسيرة من قريب أو بعيد أو التي فيها حشو وتطويل، وهذا ما لمسناه في مقدمته التي افتتح بها تهذيبه هذا «٥٣» .

كان هذا النهج في كتابة السيرة مستحسنا ومستهجنا في آن واحد، ذلك أنه أستحسن عندما هذب السيرة من الأخبار التي لا علاقة لها بها، واستهجن لأنه قد أثار الشبهات والشكوك حول صحة المعلومات التي وردت فيها والأخبار التي حذفها، إذ وصف الصفدي (ت ٧٢٨ هـ) سيرة ابن إسحاق بأنها قد رواها عنه جماعة منهم من زاد ومنهم من نقص «٥٤» ، فكان ابن هشام كما ذكر هو نفسه ممن نقص وزاد، وأعطى اليافعي (ت ٧٦٨ هـ) عذرا لتصرف ابن هشام هذا بأنه قد هذب السيرة ولخصها لكونه أديبا ونسابة «٥٥» ، هذا من جانب العلماء الأوائل، أما بالنسبة الى الباحثين المحدثين فقد تباينت وجهات نظرهم في منحى ابن هشام هذا إذ يقول أحدهم: " لكن مما يأسف عليه لجوء ابن


(٥٢) الحموي، أبو بكر، علي بن عبد الله، بلوغ المرام من سيرة ابن هشام والروض الأنف والأعلام، مخطوط في مكتبة الأوقاف، بغداد، برقم (٥٩٦١) ، ورقة ٢.
(٥٣) ينظر، السيرة، ١/ ٤.
(٥٤) الوافي بالوفيات، ١/ ٧.
(٥٥) ينظر، عبد الله بن أسعد، مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة حوادث الزمان، مجلس دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد، الهند، ط ١، ١٣٣ هـ، ٢/ ٧٨.

<<  <   >  >>