للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما دخل وتمكن وسكن الناس، وثب بهم أغرّ ما كانوا، وقال لأصحابه:

ضعوا السيف واقتلوا كل من لقيتم، ولا تشتغلوا إلا بالقتل. فلم يزل كذلك ثلاثة أيام، ولاذ المسلمون بالبيت، وتعلقوا بأستار الكعبة، فما نفعهم ذلك، وقتلوهم في المسجد الحرام وفي البيت، وما زالوا يقتلونهم ويقولون لهم:

«ومن دخله كان آمنا» ، أفامنون أنتم يا حمير، أما ترون كذب صاحبكم.

وأمروا من يصعد لقلع الميزاب، فصعد وهو يقول مستهزئا: / هو في السماء وبيته في الأرض. وسلب البيت، وقلع الحجر الأسود، وأبو حفص عمر ابن زرقان صهر أبي سعيد واقف حذاء البيت والسيف يأخذ الناس، وهو على فرسه يضحك ويتلو: «لِإِيلافِ قُرَيْشٍ» حتى [وصل] «١» إلى قوله: «وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ» قال: ما آمنهم من خوفنا، ظهر الباطن يا أهل مكة، حجّوا إلى البحرين، وهاجروا إلى الأحساء من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها.

ثم أمر أصحابه بالنهب، فجمع شيئا عظيما من العين والورق والجوهر والطب، ومن متاع مصر واليمن والعراق وخراسان وفارس وبلدان الإسلام كلها، وحمل مقدار مائة ألف جمل، وأحرق الباقي، وسبى من العلويات والهاشميات وسائر الناس نحو عشرين ألف رأس، وسار إلى الأحساء، فكانت حادثة في الإسلام لم يكن مثلها قط، وأحصوا القتلى عند الدفن، فكانوا عشرين ألف وثمان مائة. ولعلك تستكثر مائة ألف جمل لما ترى في زمانك من سوء حال الإسلام والمسلمين، وإذا تأملت الحال في ذلك الزمان استقللتها، فإن الإسلام إذ ذاك قد كان من السعة ما كان، مستوليا على الدنيا إلا القليل، وكان يسار أهله على حال عظيمة، وإذا تصورته استقللت ذلك، وإذا تأملت خراسان


(١) زيادة مني اقتضاها السياق