للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خواصه يلقون إلى من معه من البوادي إذا قالوا لهم: قتلنا عيالنا واقتسمنا قصور بغداد ثم رجعنا خائبين، وقد قتل ابن أبي الساج صناديدنا وعيون من بقي منا، فيقولون مرة: لهذا القول وهذه المواعيد باطن، ومرة يقولون: إن في كتب الحدثان والملاحم أنا نرجع، ومرة يقولون: سرنا بأمر، وأمثال هذا من الحيل والمخاريق.

/ ثم سار من البحرين إلى مكة، فوصل اليها في عشر ذى الحجة وبها الحجاج من أهل الدنيا كلها، والإسلام أكثر ما كان، فمنعه من بمكة من الحجاج وغيرهم من دخولها، ونقلوا صناديق البيت إلى ناحية دار ابن داود، وحاربوه أياما. فلما لم يطقهم، أظهر أنه جاء حاجا ومتقربا إلى الله، وأنه لا يحل لهم أن يمنعوه من بيت الله، وأنه أخوهم في الإسلام، وأظهروا أنهم محرمون، ونادوا بالتلبية، واستدعى من قريش من أهل مكة من راسلهم بهم، هو أبو الإمام بها والقاضي في يومنا هذا، فقالوا: كيف تكون حاجا وأنت في عشية ورودك الحرم قد قتلت المسلمين، فقال: هذا كان بغير أمري ولا رضاي، وقد يكون مثل هذا من الأتباع ومن معرة العساكر، ووجه اليهم بخاتمه وسوطه ليؤمنهم، وحلف لهذا القرشي بالأيمان الغليظة أنه قد أمنهم على دمائهم وأموالهم وحرمهم، وأنه لا يؤذي أحدا منهم، وأنه ما جاء إلا ليحج، إلا أصحاب الجند والسلطان فإنه لا يؤمنهم، وقال: أنا لا أغدر ولا أغر من نفسي، ولو أردت ذلك لأمنت أصحاب السلطان ثم غدرت بهم، ولكن لا أؤمنهم، لأنهم يشربون الخمر، ويلبسون الحرير، ويعينون السلطان الذي يحجب عنه الرعية، ويظلم اليتيم والأرملة، ويشرب الخمر، ويسمع القيان. فازداد الناس به اغترارا، وقبلوا أمانه، وأفرجوا له حتى دخل، ووضعوا السلاح.