للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تكون في عبادتهم في كل عصر لا تنقطع، تدعي ذلك الملكية لعبادها، كما يدعيه باقي طوائفهم، ويدّعون المشاهدة في كل زمان وأوان، مع إكفار بعضهم لبعض. وليس فيهم احد رأى شيئا من ذلك، وليس إلا الدعاوى التي تقدم ذكرها والذكران والاعياد، فيلحدون ويظنون بما يدّعى لموسى وهارون وعيسى عليهم السلام بمثل ما يدّعى للرهبان.

ومما يؤثر ان النصارى جلسوا في ذكران جورجس، وما جرى عليه من القتل مرة بعد مرة وهو يعود ويقوم من قبره الى الصومعة. فيقول قائل منهم: لو صدقنا انفسنا لعلمنا ان هذا كذاب لا اصل له، المسيح صاحب جورجس ذاق مرّ الحديد مرة واحدة فما عاد ولا تعرض لمثلها، فكيف بتعرض لها جورجس وهو دونه في الصبر والبصيرة، فأضحكهم.

وأكثر ما عند اهل البصائر منهم ان يقولوا: سبيلنا ان نسلم للرؤساء ونقنع في الدين بالتقليد ولا نطلب فيه البرهان، فليس امر الشريعة والبيعة من امر الطبيعة في شيء. وهذا شيء ألقاه لهم هؤلاء الرؤساء الذين يستأكلونهم ويسخرون منهم، وأكثرهم ملحدة كما قدمنا. وهم يريدون بالطبيعة ما يقوله أرسطاطاليس وأمثالهم من الملحدة: في ان الشمس والقمر وسائر أجساد السماء لا يجوز ان تتصدع ولا تتفرق، ولا ان تكون حارة ولا باردة ولا رطبة ولا يابسة ولا حلوة ولا حامضة/ ولا ثقيلة ولا خفيفة، وما اشبه ذلك من جهالاتهم التي تزيد على جهالات النصارى أضعافا مضاعفة.

ويدعون انهم قالوا ذلك ببرهان. وان الربوبية والنبوات والشرائع لا يقوم عليها برهان فخاصة النصارى ورؤساؤهم أجهل من عامتهم بطبقات.

والقبط تبغض بني اسرائيل لما جرى عليهم وعلى فرعون من موسى.