للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

علينا، كلنا قد فر من العمل، وانما نحن نصلي للنصارى. ولهم من المكاشفات ما يطول شرحه، ولكن ليس متأمل ولا متخرق على الاسلام ولا متفقد «١» .

وربما ورد الراهب على النصارى بمثل ما قدمنا، فيقبل الرهبان بعضهم على بعض بالقول فيما بينهم: تأملوا هذا الفار من العمل بأي شيء قد جاء يخدع النصارى، وانظروا هل يكون له بخت. وربما جاء الراهب الى الجاثليق بمثل هذ لينفق عنده، فيقول له الجاثليق: عزمت على الهرب من العمل، انت عازق معناثا، فربما بكى، وقال له: أبونا ما يحل لك ان تقول لي هذا، فيقول الجاثليق: يا أخي ما ينبغي ان تعمل معي هذا فأنا أعرف بالصنعة، هبنا خدعنا غيرنا، بعضنا يعرف بعضا والصنعة واحدة، وأنا عازق معناثا مثلك، فلا تبك.

ومثل هذا رحمك الله تجد كثيرا من القسيسين والرهبان، اذا رأوا راهبا او جاثليقا او قسا او مطرانا قد ادّعيت له المعجزات ونفق على النصارى، يقول بعضهم لبعض: انظروا بأي شيء نفق هذا على النصارى الجهال ونفذت حيلته فيهم واستوت له عليهم/ الرئاسة.

وكان متى بن يونس القس صاحب المنطق «٢» يقول عند مثل هذا: هذا بخت النغول «٣» . وعلماء النصارى يسرعون الى الإلحاد كما تقدم ذكره لك، ومما يدنيهم من هذا الامر، ان موضوع النصرانية ان الآيات والمعجزات


(١) هكذا وردت العبارة في الاصل
(٢) متى بن يونس النصراني (ابو بشر) ، حكيم منطقي توفي ببغداد سنة ٣٢٨ هـ. ترجم عدة كتب في الفلسفة والمنطق الى اللغة العربية. انظر الفهرست ١: ٢٦٣، ابن ابي اصيبعة ١: ٢٣٥، القفطي ٣٢٣.
(٣) نغل الاديم فهو نغل اي فسد فهو فاسد، والنغل ايضا ولد الزانية. انظر القاموس المحيط