وتحظّاها كما يختار الرجل المرأة ويتحظاها لشهوته لها، وقد حكاه النظّام والجاحظ، وقال: إنما يفصحون بهذا عند من يثقون به. وقد قال ابن الأخشيد هذا عنهم في «المعونة» وقال: اليه يشيرون، ألا ترى انهم يقولون لو لم يكن والدا لكان عقيما والعقم آفة، وهذا قول جميعهم والى البضاع يشيرون. وانت تجد ذلك في كتاب «المعونة»«١» وفي كتاب الجاحظ على النصارى، وأظن ابا جعفر الإسكافي قد ذكر هذا في كتابه على النصارى، وكل من خالط الرهبان وأرباب البيع وطاولهم وأنسهم عرف ذلك منهم.
فإن قال قائل: ادعيتم ان هذه الطوائف قد خالفت المسيح في الأصول والفروع وقد عرفنا بما ذكرتم مخالفتهم له في الاصول فمن اين لكم انهم قد خالفوه في الفروع؟ قيل له: كان المسيح يتدين بالطهارة، وبغسل الجنابة، وبوجوب غسل الحائض، وهذه الطوائف لا تختلف بأن ذلك ليس بواجب، وان للانسان ان يصلي وهو غير مطهر وغير مستنج، ويصلي وهو جنب، ولا يختلفون في ان الجنابة والبول والغائط وغير ذلك لا يقطع الصلاة، وان المصلي له ان يصلي وهو يبول وهو يتغوط وهو يجامع وان كان الجماع في زنى، فما هذا شيء يقطع الصلاة ولا يفسدها/ بل الافضل عندهم ان يصلي وهو جنب وهو يتغوط ويبول ويضرط، لأن ذلك ابعد من صلاة المسلمين واليهود، وكل هذا خلاف صلاة المسيح.
وكان المسيح يقرأ في صلاته ما كان الانبياء وبنو اسرائيل قبله وفي زمانه، وفي زمانه يقرؤون من كلام الله ومن قول الله من التوراة ومن زبور داود،
(١) المعونة: اسم كتاب لأبي الاخشيد وهو: احمد بن علي، يتكلم على مذهب المعتزلة، وله آراء خاصة يخالف بها الكثيرين منهم.