للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لغة العرب بل في كل لغة ان يقال قد اتخذه إلها. ألا ترى الى قول الله تعالى «اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ «١» » وهم ما صاموا لهم ولا صلوا ولكن قلدوهم، فحرموا عليهم الحلال فحرموه، وأحلوا لهم الحرام فاستحلوه، وهذا دون ما قالوه في مريم.

وفي هذا المعنى قوله صلّى الله عليه وسلم: «تعس عبد الدنيا وتعس عبد الدرهم تعس عبد الخميصة «٢» » لما غلب عليه حب ذلك وشغفه به صار كالعبد له، فلو لم يكن معنا تلك النصوص فيمن قال منهم إنها إله فكان معنا خبر ونص أنهم ما قالوا انها إله لجاز مع هذا التعظم ان يطلق، فكيف وما اخبر انهم ما قالوا انها إله، ولقد عظموها ورفعوها على الملائكة والأنبياء وقالوا فيها ما يقال في الإله، وسألوها ما يسأل الإله من العافية والكفاية في الدنيا والآخرة كما قد تقدم لك ذلك حتى ان اليعقوبية لتقول في مناجاتها لمريم عليه السلام:

يا مريم يا والدة المسيح كوني لنا سورا وسندا وذخرا وركنا، والنسطورية تقول: يا والدة المسيح كوني لنا كذلك، ويأنون مسألة اليعقوبية ويقولون لليعقوبية: لا تقولوا/ يا والدة الله وقولوا يا والدة المسيح، فتقول اليعقوبية لهم: فالمسيح عندنا وعندكم إله في الحقيقة فأي فرق بيننا وبينكم في معنى هذا، ولكنكم أردتم ان تمخرقوا عند من لا يعرف هذا من قولنا وقولكم فتوهمونه انكم تتنزهون عن هذا وأنكم تقاربون المسلمين في التوحيد.

واعلم ان أفجاج النصارى يعتقدون ان الله اختار مريم لنفسه ولولده


(١) التوبة ٣١
(٢) حديث تعس عبد الدينار، هداية الباري الى ترتيب احاديث البخاري ١: ٣١٤ في كتاب الجهاد باب الحراسة.