يوافقكم ولا يقول ما تدعونه وما أراكم إلا متقولين عليه ظالمين له، هاتم الطست والماء لأغسل يدي من دم هذا الرجل.
ووجه فيلاطس ملك الروم الكبير الى هيريدس يقول له: بلغني ان اليهود رفعوا اليك خصما لهم فيه أرب ومعرفة فأنفذه الي لأفاتحه وأنظر ما عنده، فأنفذه اليه؛ فأدخل على فيلاطس وهو في حالة من الجزع والخوف والفلق، فسكّنه الملك وسأله عما ادعاه عليه اليهود من انه المسيح، فأنكر ان يكون فال ذلك ولم يزل يسائله ويباسطه ليذكر ما عنده وما معه وليسمع منه حكمة او يستفيد منه أدبا او وصية فما وجد عنده شيئا، ولا زاده على القلق والخوف والجزع والبكاء والانتحاب فرده الى هيريدس وقال له: ما وجدت في هذا الرجل ما قيل فيه وما عنده خير، ونسبه الى النقص/ والغباء، فقال هيريدس: الآن هو الليل فاذهبوا به الى الحبس، فذهبوا به.
فلما كان من الغد بكر اليهود وأخذوه وشهروه تلك الشهرة، وعذّبوه ونالوه بأنواع العذاب، ثم ضربوه في آخر النهار بالسوط، وجاؤوا به الى مبطخة ومبقلة «١» وصلبوه وطعنوه بالرماح ليموت بسرعة، وما زال يصيح بأعلى صوته وهو مصلوب على خشبة: يا إلهي اخذلتني؟ يا إلهي لم تركتني؟
الى ان مات. وان يهوذا سرخوطا لقي اليهود وقال لهم: ماذا صنعتم بالرجل الذي اخذتموه امس؟ قالوا: صلبناه، فتعجب من هذا واستبعده، فقالوا له:
قد فعلنا، وإن اردت ان تعلم ذلك فصر الى المبطخة الفلانية، فصار الى هناك، فلما رآه قال: هذا دم بريء، هذا دم زكيّ، وشتم اليهود، وأخرج الثلاثين درهما الذي اعطوه دلالة فرمى بها في وجوههم وصار الى بيته