وفى رواية صلى ركعتين ثم رفع يديه فرأيت بياض ابطيه وقال اللهم اغفر لعبيدك أبى عامر واجعله يوم القيامة فوق كثير من خلقك فقلت ولى فقال اللهم اغفر لعبد الله بن قيس ذنبه وأدخله يوم القيامة مدخلا كريما والتوفيق بين الروايتين أن يقال انّ الرجل الذى قاله محمد بن اسحاق لم يكن قاتلا حقيقيا لابى عامر بل كانت له شركة فى قتله والله أعلم* وذكر ابن هشام انه رمى أبا عامر يومئذ أخوان من بنى جشم بن معاوية فأصاب أحدهما قلبه والاخر ركبته فقاتلاه وولى الناس أبو موسى الاشعرى فحمل عليهما فقتلهما وذكر ابن اسحاق ان القتل استحرّ فى بنى رباب وزعموا ان عبد الله بن قيس الذى يقال له العوراء وهو أحد بنى وهب بن رباب قال يا رسول الله هلكت بنو رباب فزعموا أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اللهم اجبر مصيبتهم وخرج مالك بن عوف عند الهزيمة فوقف فى فوارس من قومه على ثنية من الطريق وقال لاصحابه قفوا حتى تمضى ضعفاؤكم وتلحق أخراكم فوقف هنالك حتى مرّ من كان لحق بهم من منهزمة الناس* قال ابن هشام وبلغنى أنّ خيلا طلعت ومالكا وأصحابه على الثنية فقال لاصحابه ماذا ترون قالوا نرى أقواما عارضى رماحهم أغفالا على خيلهم قال هؤلاء الاوس والخزرج فلا بأس عليكم منهم فلما انتهوا الى أصل الثنية سلكوا طريق بنى سليم فقال لاصحابه ماذا ترون قالوا نرى قوما واضعى رماحهم بين آذان خيلهم طويلة بوادّهم قال هؤلاء بنو سليم ولا بأس عليكم منهم فلما سلموا سلكوا بطن الوادى ثم اطلع فارس فقال لاصحابه ماذا ترون قالوا نرى فارسا طويل البادّوا ضعا رمحه على عاتقه عاصبا رأسه بملاءة حمراء قال هذا الزبير بن العوّام وأحلف باللات والعزى ليخالطنكم فاثبتوا له فلما انتهى الزبير الى أصل الثنية أبصر القوم فصمد لهم فلم يزل يطاعنهم حتى أزاحهم عنها* وروى أنّ المسلمين قد كانوا أخذوا سبايا يوم حنين وأوطاس وكانوا يستكرهون نساء السبى اذ كنّ ذوات أزواج فاستفتوا فى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الاية وهى والمحصنات من النساء الا ما ملكت أيمانكم يريد ما ملكت أيمانهم من اللاتى سبين ولهنّ أزواج كفار فهنّ حلال للسابين والنكاح مرتفع بالسبى لقول أبى سعيد رضى الله عنه أصبنا سبايا يوم أوطاس ولهنّ أزواج فكرهنا أن نقع عليهنّ فسألنا النبىّ صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الاية فاستحللناهنّ واياه عنى الفرزدق بقوله
وذات حليل أنكحتها رماحنا ... حلال لمن يا بنى بها لم تطلق
وقال أبو حنيفة رحمه الله لو سبى الزوجان لم يرتفع النكاح ولم يحلّ للسابى كذا فى أنوار التنزيل وأمر النبىّ صلى الله عليه وسلم فى سبايا حنين وأوطاس لا توطأ حامل من السبى حتى تضع حملها ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة فسألوا عن العزل قال ليس من كل الماء يكون الولد واذا أراد الله أن يخلق شيئا لم يمنعه شئ* وفى الاكتفاء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ ان قدرتم على بجاد رجل من بنى سعد بن بكر فلا يفلتنكم وكان قد أحدث حدثا فلما ظفر به المسلمون ساقوه وأهله وساقوا معه الشيماء ابنة الحارث بن عبد العزى أخت رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة فعنفوا عليها فى السياق فقالت للمسلمين اعلموا أنى أخت صاحبكم من الرضاعة فلم يصدّقوها حتى أتوابها الى النبىّ صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله انى أختك قال وما علامة ذلك قالت عضة عضضتنيها فى ظهرى وأنا متورّكتك فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم العلامة فبسط لها رداءه وأجلسها عليه* وفى رواية ودمعت عيناه وخيرها وقال ان أحببت فأقيمى عندى محبة مكرمة وان أحببت أن أمتعك وترجعى انى قومك فعلت فقالت بل تمتعنى وتردّنى الى قومى فأسلمت فمتعها رسول الله صلى الله عليه وسلم وردّها الى قومها فزعمت بنو سعد أنه أعطاها غلاما يقال له مكحول وجارية فزوّجت الغلام