عُنُقَهُ، وَوَضَعَ رُكْبَتَهُ فِي ظَهْرِهِ فَدَقَّهُ، ثُمَّ قَامَ لِيَخْرُجَ، فَأَخَذَتِ الْمَرْأَةُ بِثَوْبِهِ وَهِيَ تَرَى أَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْهُ، فَقَالَتْ: أَيْنَ تَدَعُنِي! قَالَ: أُخْبِرُ أَصْحَابِي بِمَقْتَلِهِ، فَأَتَانَا فَقُمْنَا مَعَهُ، فَأَرَدْنَا حَزَّ رَأْسِهِ، فَحَرَّكَهُ الشَّيْطَانُ فَاضْطَرَبَ فَلَمْ يَضْبِطْهُ، فَقُلْتُ: اجْلِسُوا عَلَى صَدْرِهِ، فَجَلَسَ اثْنَانِ عَلَى صَدْرِهِ، وَأَخَذَتِ الْمَرْأَةُ بِشَعْرِهِ، وَسَمِعْنَا بَرْبَرَةً فَأَلْجَمَتْهُ بِمِئْلاةٍ، وَأَمَرَّ الشَّفْرَةَ عَلَى حَلْقِهِ فَخَارَ كَأَشَدِّ خُوَارِ ثَوْرٍ سَمِعْتُهُ قَطُّ، فَابْتَدَرَ الْحَرَسُ الْبَابَ وَهُمْ حَوْلَ الْمَقْصُورَةِ، فَقَالُوا:
مَا هَذَا، مَا هَذَا! فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: النَّبِيُّ يُوحَى إِلَيْهِ! فَخَمَدَ ثُمَّ سَمُرْنَا لَيْلَتَنَا وَنَحْنُ نَأْتَمِرُ كَيْفَ نُخْبِرُ أَشْيَاعَنَا، لَيْسَ غَيْرُنَا ثَلاثَتُنَا: فَيْرُوزُ وَدَاذُوَيْهِ وَقَيْسٌ، فَاجْتَمَعْنَا عَلَى النِّدَاءِ بِشِعَارِنَا الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَ أَشْيَاعِنَا، ثُمَّ يُنَادَى بِالأَذَانِ، فَلَمَّا طَلَعَ الْفَجْرُ نَادَى دَاذُوَيْهِ بِالشِّعَارِ، فَفَزِعَ الْمُسْلِمُونَ وَالْكَافِرُونَ، وَتَجَمَّعَ الْحَرَسُ فَأَحَاطُوا بِنَا، ثُمَّ نَادَيْتُ بِالأَذَانِ، وَتَوَافَتْ خُيُولُهُمْ إِلَى الْحَرَسِ، فَنَادَيْتُهُمْ:
أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَّ عَبْهَلَةَ كَذَّابٌ! وَأَلْقَيْنَا إِلَيْهِمْ رَأْسَهُ، فَأَقَامَ وَبَرٌ الصَّلاةَ، وَشَنَّهَا الْقَوْمُ غَارَةً، ونَادَيْنَا: يَا أَهْلَ صَنْعَاءَ، مَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ دَاخِلٌ فَتَعَلَّقُوا بِهِ، وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْهُمْ أَحَدٌ فَتَعَلَّقُوا بِهِ.
وَنَادَيْنَا بِمَنْ فِي الطَّرِيقِ: تَعَلَّقُوا بِمَنِ اسْتَطَعْتُمْ! فَاخْتَطَفُوا صِبْيَانًا كَثِيرِينَ، وَانْتَهَبُوا مَا انْتَهَبُوا، ثُمَّ مَضَوْا خَارِجِينَ، فَلَمَّا بَرَزُوا فَقَدُوا مِنْهُمْ سَبْعِينَ فَارِسًا رُكْبَانًا، وَإِذَا أَهْلُ الدور والطرق وقد وافونا بهم، وفقدنا سبعمائة عيل فراسلونا وراسلناهم أَنْ يَتْرُكُوا لَنَا مَا فِي أَيْدِيهِمْ، وَنَتْرُكُ لَهُمْ مَا فِي أَيْدِينَا، فَفَعَلُوا فَخَرَجُوا لَمْ يَظْفَرُوا مِنَّا بِشَيْءٍ، فَتَرَدَّدُوا فِيمَا بَيْنَ صَنْعَاءَ وَنَجْرَانَ، وَخَلَصَتْ صَنْعَاءُ وَالْجُنْدُ، وَأَعَزَّ اللَّهُ الإِسْلامَ واهله، وتنافسنا الإمارة، وتراجع اصحاب النبي ص إِلَى أَعْمَالِهِمْ، فَاصْطَلَحْنَا عَلَى مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، فَكَانَ يُصَلِّي بِنَا، وَكَتَبْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص بالخبر، وذلك في حياه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute