الْخَبَرَ، فَأَرْسَلْنَا إِلَى قَيْسٍ، فَجَاءَنَا، فَأَجْمَعَ مَلَؤُهُمْ أَنْ أَعُودَ إِلَى الْمَرْأَةِ فَأُخْبِرَهَا بِعَزِيمَتَنَا لِتُخْبِرَنَا بِمَا تَأْمُرُ، فَأَتَيْتُ الْمَرْأَةَ وَقُلْتُ: مَا عِنْدَكِ؟ فَقَالَتْ: هُوَ مُتَحَرِّزٌ مُتَحَرِّسٌ، وَلَيْسَ مِنَ الْقَصْرِ شَيْءٌ إِلا وَالْحَرَسُ مُحِيطُونَ بِهِ غَيْرَ هَذَا الْبَيْتِ، فَإِنَّ ظَهْرَهُ إِلَى مَكَانِ كَذَا وَكَذَا مِنَ الطَّرِيقِ، فَإِذَا أَمْسَيْتُمْ فَانْقُبُوا عَلَيْهِ، فَإِنَّكُمْ مِنْ دُونِ الْحَرَسِ، وَلَيْسَ دُونَ قَتْلِهِ شَيْءٌ وَقَالَتْ: إِنَّكُمْ سَتَجِدُونَ فِيهِ سِرَاجًا وَسِلاحًا فَخَرَجْتُ فَتَلَقَّانِي الأَسْوُد خَارِجًا مِنْ بَعْضِ مَنَازِلِهِ، فَقَالَ لِي مَا أَدْخَلَكَ عَلَيَّ؟ وَوَجَأَ رَأْسِي حَتَّى سَقَطْتُ- وَكَانَ شَدِيدًا- وَصَاحَتِ الْمَرْأَةُ فَأَدْهَشَتْهُ عَنِّي، وَلَوْلا ذَلِكَ لَقَتَلَنِي وَقَالَتِ: ابْنُ عَمِّي جَاءَنِي زائرا، فقصرت بي! فقال: اسكتي لا ابالك، فَقَدْ وَهَبْتُهُ لَكِ! فَتَزَايَلَتْ عَنِّي، فَأَتَيْتُ أَصْحَابِي فَقُلْتُ: النَّجَاءَ! الْهَرَبَ! وَأَخْبَرْتُهُمُ الْخَبَرَ، فَإِنَّا عَلَى ذَلِكَ حَيَارَى إِذْ جَاءَنِي رَسُولُهَا: لا تَدَعْنَ مَا فَارَقْتُكَ عَلَيْهِ، فَإِنِّي لَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى اطْمَأَنَّ، فَقُلْنَا لِفَيْرُوزٍ: ائْتِهَا فَتَثَبَّتْ مِنْهَا، فَأَمَّا أَنَا فَلا سَبِيلَ لِي إِلَى الدُّخُولِ بَعْدَ النَّهْيِ فَفَعَلَ، وَإِذَا هُوَ كَانَ أَفْطَنَ منى، فلما اخبرته قالت: وَكَيْفَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَنْقُبَ عَلَى بُيُوتٍ مُبَطَّنَةٍ! يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نُقْلِعَ بِطَانَةَ الْبَيْتِ، فَدَخَلا فَاقْتَلَعَا الْبِطَانَةَ، ثُمَّ أَغْلَقَاهُ، وَجَلَسَ عِنْدَهَا كَالزَّائِرِ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا الأَسْوَدُ فَاسْتَخَفَّتْهُ غَيْرَةٌ، وَأَخْبَرَتْهُ بِرَضَاعٍ وَقَرَابَةٍ مِنْهَا عِنْدَهُ مُحَرَّمٌ، فَصَاحَ بِهِ وَأَخْرَجَهُ وَجَاءَنَا بِالْخَبَرِ، فَلَمَّا أَمْسَيْنَا عَمِلْنَا فِي أَمْرِنَا، وَقَدْ وَاطَأْنَا أَشْيَاعَنَا، وَعَجِلْنَا عَنْ مُرَاسَلَةِ الْهَمْدَانِيِّينَ وَالْحِمْيَرِيِّينَ، فَنَقَبْنَا الْبَيْتَ مِنْ خَارِجٍ، ثُمَّ دَخَلْنَا وَفِيهِ سِرَاجٌ تَحْتَ جُفْنَةٍ، وَاتَّقَيْنَا بِفَيْرُوزَ، وَكَانَ أَنْجَدَنَا وَأَشَدَّنَا- فَقُلْنَا: انْظُرْ مَاذَا تَرَى! فَخَرَجَ وَنَحْنُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَرَسِ مَعَهُ فِي مَقْصُورَةٍ، فَلَمَّا دَنَا مِنْ بَابِ الْبَيْتِ سَمِعَ غَطِيطًا شَدِيدًا، وَإِذَا الْمَرْأَةُ جَالِسَةٌ، فَلَمَّا قَامَ عَلَى الْبَابِ أَجْلَسَهُ الشَّيْطَانُ فَكَلَّمَهُ عَلَى لِسَانِهِ- وَإِنَّهُ لَيَغُطَّ جَالِسًا وَقَالَ أَيْضًا: مَا لِي وَلَكَ يَا فَيْرُوزُ! فَخَشِيَ إِنْ رَجَعَ أَنْ يَهْلِكَ وَتَهْلِكَ الْمَرْأَةُ، فَعَاجَلَهُ فَخَالَطَهُ وَهُوَ مِثْلُ الْجَمَلِ، فَأَخَذَ بِرَأْسِهِ فَقَتَلَهُ، فَدَقَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute