للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الأول: قوله: {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا} [الأنفال: ٢].

وفي الآية إثبات صريح أن المؤمنين إذا تُلِيت عليهم آيات الكتاب العزيز زاد إيمانهم، وذلك بسبب -كما قال السعدي رحمه الله-: "أنهم يلقون له السمع، ويحضرون قلوبهم لتدبره، فعند ذلك يزيد إيمانهم؛ لأن التدبر من أعمال القلوب، ولأنه لا بد أن يبيِّن لهم معنى كانوا يجهلونه، أو يتذكَّرون ما كانوا نَسوه، أو يُحدِث في قلوبهم رغبةً في الخير، واشتياقًا إلى كرامة ربهم، أو وجلًا من العقوبات، وازدجارًا عن المعاصي، وكل هذا مما يزداد به الإيمان" (١).

الدليل الثاني: قوله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران: ١٧٣].

قيل للإمام سفيان بن عيينة (٢) رحمه الله: الإيمان يزيد وينقص؟ قال: "أليس تقرءون القرآن: {فَزَادَهُمْ إِيمَانًا} في غير موضع؟!، قيل: ينقص؟ قال: "ليس شيء يزيد إلا وهو ينقص" (٣).

الدليل الثالث: قوله تعالى: {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى} [مريم: ٧٦].

قال العلامة السعدي رحمه الله: "وفي هذا دليل على زيادة الإيمان ونقصه، كما


(١) تفسير السعدي (٣١٥).
(٢) الإمام الكبير، حافظ العصر، شيخ الإسلام سفيان بن عيينة بن أبي عمران ميمون الهلالي، طلب الحديث وهو حدث، بل غلام، ولقي الكبار، وحمل عنهم علمًا جمًّا، وأتقن، وجود، وجمع، وصنف، وعمر دهرًا، وازدحم الخلق عليه، وانتهى إليه علو الإسناد، ورحل إليه من البلاد. قال الخطيب البغدادي عنه: فأما سفيان فكان له في العلم قدر كبير، ومحل خطير، أدرك نيفًا وثمانين نفسًا من التابعين، وتوفي رحمه الله سنة (١٩٨ هـ).
ينظر: تاريخ بغداد (١٠/ ٢٤٤)، سير أعلام النبلاء (٨/ ٤٥٤)، الأعلام (٣/ ١٠٥).
(٣) الشريعة للآجري (٢/ ٦٠٥)، الإبانة الكبرى لابن بطة (٢/ ٨٥٠).

<<  <   >  >>