سواء كان مهاجراً أم أنصارياً برباط جديد يربطه بأخوته في الله، فكل واحد منهم يحب أخاه كحبه لنفسه، مع أنه ليس من قبيلته ولا بينهما آصرة دم بل أن آصرة الدم - حين كانت في الجاهلية - لم تكن تنشىء في نفس أحدهم ذلك الحب الصافي العجيب الذي يحسه الآن لأخيه في العقيدة.
ترى ما الفرق بين لقاء الجاهلية ولقاء الإسلام؟
والجواب: أن الأمر ليس سراً، ولا سحراً، ولكنه الإسلام يلتقي فيه الناس على العقيدة في الله، لأن كلاً منهم يحب الله ورسوله، فلا تكون ذواتهم بارزة ولا متوفرة لاقتناص المصلحة من الآخر كما هي الحال في العلاقات الجاهلية، وإنما الجانب البارز هو الحب في الله " (١) .
[وقفة عند المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار]
إن هذه الأخوة جديرة بالدراسة والاعتبار. ذلك أنه نتج عنها أمور عظيمة في حياة المسلمين سواء في مستوى "الأمة والدولة" أم على مستوى الأفراد.
فأما ما يتعلق بهم أمة: فقد كانت هذه المؤاخاة هي الركيزة الأساسية في تكوين مفهوم "الأمة المسلمة" أمة التقت على العقيدة في الله، وعاشت لأجل تلك العقيدة وليس لرباطة الدم أو الحسب والنسب، أو الأرض أو اللون أو اللغة، أو الجنس فيها أي حساب يذكر إذا تعارض ذلك مع العقيدة. والله سبحانه وتعالى هو صاحب المنة والفضل في ذلك فهو القائل: