شرع الإسلام .. وإن كان في الأخبار، اقتضى تكذيبَ القرآن والقرآنُ وحيُ الله -عزَّ وجلَّ- إلى محمد - صلى الله عليه وسلم -، والوحيانِ الثابتانِ لا يتناقضان.
ثم ما يُدرينا صِدقَ تلك الدعوة؟ وما الفرقُ بينها وبين دعوى أيِّ كاتبٍ آخَرَ ادَّعى أن كتابَه وحيٌ من الله؟ فلا بدَّ إذن من برهانٍ مُعجِز ليضمنَ لنا صِدقَ دعواه .. وذلك لم -ولن- يتمَّ، لأنه من خصائصِ الأنبياء فقط، والنبوةُ قد انقطعت، والمعجزةُ هي التي تؤكَد لصاحبها ولغيرِه صِدقَ دعواه تلك .. وإلا فما يُدرينا أن ذلك الوحيَ من وحيِ الشياطين .. وهو الوحيُ الذي لم يُختَمْ بعد.
خامسًا: ابتدع ابنُ عربي اصطلاح "خاتم الأولياء"، وأحاطه بهالاتٍ من التقديس والتعظيم حتى جَعَله مصدرَ علوم الرسل .. وتلك بدعة لا أصلَ لها في شرع الله -عزَّ وجلَّ-، وهو إحدى حلقاتِ تلك السلسلة من الأدِّعاءات المجرَّدة من الأدلة الشرعية، ويكفي ذلك إبطالاً لها، ثم إن دعواه تلك تعني انتهاءَ بقاءِ أولياءِ بعده كما صرَّح بذلك بنفسه، حيث يقول:"بفقدي تذهبُ الدولُ، وتَلحقُ الأُخرَياتُ بالأول".
يعني أن تنتهي الحياةُ وتنتهي الولاية، وهذا واضحُ البطلان، إذ لم تذهب الدول، ولم تَنتهِ الولاية، وذلك تحقيقًا لنبوةِ نبينا محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - الذي يقول:"لا تزال طائفة من أمتي يُقاتِلون على الحقِّ ظاهرين إلى يوم القيامة"، أي: تبقى طائفةٌ من المؤمنين المجاهدين إلى انتهاءِ العالَم، فالعالمُ موجود، والمجاهدون في سبيل الله في كل مكان، وكلُّ مؤمن متَّقٍ فهو من أولياءِ الله، كما أخبر الله بذلك، حيث يقول: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [يونس: ٦٢ - ٦٣]، ولم