للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: ٣٦]، والله يقول كذلك: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: ٦٥]، فهو التحكيمُ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم انتفاءُ الحرج من النفس، وأخيرًا لتسليمُ الكاملُ الذي ينتفي معه حَظُّ النفسِ، وإلاَّ فقد عَرَّض نفسَه لنقصِ الإيمان أو نقضِه، وقد كان ينبغي عليهم -وهم يزعمون الولاية- أن يستقبِلوا شرعَ الله وقضاءَه بقلوبٍ طائعةٍ راضية، وذلك ما يستقيمُ مع دعوى الولاية.

ثم إن ابن عربي يُخفِّفُ على الأولياء بأن الله لَطَفَ بعباده فأبقى لهم النبوة العامة!! يا لها من جرأةٍ تلك التي أقدم عليها ابنُ عربي!! فمِن أين له تلك القَولة؟! فالقرآنُ والسنةُ وإجماعُ الأمة، كلُّها تثبث انقطاعَ النبوةِ مطلقًا، فكيف أقدم ابنُ عربي على هذه القولةِ العظيمة التي تُعارضُ كلامَ الله سبحانه وتعالى وكلامَ رسوله - صلى الله عليه وسلم -؟! إذ يخبرُنا الله ورسولُه بانقطاعِ النبوة، وابنُ عربي يدَّعي بقاءَها واستمرارَها! فهل استجدَّ في علم الله سبحانه وتعالى جديدٌ، ثم أخبر به ابنَ عربيٍّ بعد أن قَضَى على لسانِ رسولِه - صلى الله عليه وسلم - أنْ لا نبوةَ بعدَه، وأنه آخرُ الأنبياء؟! اللهم إنها قَولةٌ كاذبة لا تصدرُ مِن مُسلِمٍ عاقل، بَلْهَ أن يكون وليًّا يزعم أنه خاتم الأولياء.

رابعًا: ادَّعى أنه كَتب كتابه "الفصوص" بوحيٍ من الله، حيث قال: "فما أُلقِي إلاَّ ما يُلقى إليَّ، ولا أُنزل في هذا المسطور إلاَّ ماُ ينزَلُ به عليَّ".

فهذا الكتاب المذكور أأُنزل موافقًا للقرآن أم مخالفًا له؟ فإنْ كان موافقًا فما الحاجة إليه؟ وإن كان مخالفًا، فهل هو مخالفٌ للأحكام أم للأخبار؟ فإنْ كان مخالفًا للأحكام فهذا نَسخٌ، وقد ادَّعى هو أنه يعتقدُ أنْ لا شرعَ بعد

<<  <  ج: ص:  >  >>