للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ فَإِنَّهُ شَرُّ قَوْلِهِمْ إنَّمَا يَذْهَبُونَ إلَى التَّعْطِيلِ. قَالَ الْبُخَارِيُّ وَقَالَ وَكِيعٌ الرَّافِضَةُ شَرٌّ مِنْ الْقَدَرِيَّةِ وَالْحَرُورِيَّةِ شَرٌّ مِنْهُمَا وَالْجَهْمِيَّةُ شَرُّ هَذِهِ الْأَصْنَافِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: ١٦٤] وَيَقُولُونَ لَمْ يُكَلِّمْ وَيَقُولُونَ الْإِيمَانُ بِالْقَلْبِ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَقَالَ وَكِيعٌ احْذَرُوا هَؤُلَاءِ الْمُرْجِئَةِ وَهَؤُلَاءِ الْجَهْمِيَّةُ وَالْجَهْمِيَّةُ كُفَّارٌ وَالْمَرِيسِيُّ جَهْمِيٌّ وَعَلِمْتُمْ كَيْفَ كَفَرُوا قَالُوا تَكْفِيك الْمَعْرِفَةُ وَهَذَا كُفْرٌ، وَالْمُرْجِئَةُ يَقُولُونَ الْإِيمَانُ قَوْلٌ بِلَا فِعْلٍ وَهَذَا بِدْعَةٌ، فَمَنْ قَالَ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ فَهُوَ كَافِرٌ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا ضُرِبَتْ عُنُقُهُ، قَالَ: وَقَالَ وَكِيعٌ عَلَى الْمَرِيسِيِّ لَعَنَهُ اللَّهُ يَهُودِيٌّ هُوَ أَوْ نَصْرَانِيٌّ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ كَانَ أَبُوهُ أَوْ جَدُّهُ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا قَالَ وَكِيعٌ وَعَلَى أَصْحَابِهِ لَعْنَةُ اللَّهِ الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ، وَضَرَبَ وَكِيعٌ إحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى فَقَالَ هُوَ بِبَغْدَادَ يُقَالُ لَهُ الْمَرِيسِيِّ يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا ضُرِبَتْ عُنُقُهُ.

قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَسُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إدْرِيسَ عَنْ الصَّلَاةِ خَلْفَ أَهْلِ الْبِدَعِ فَقَالَ لَمْ يَزَلْ فِي النَّاسِ إذَا كَانَ فِيهِمْ مَرْضَى أَوْ عَدْلٌ فَصَلِّ خَلْفَهُ، فَقُلْت: فَالْجَهْمِيَّةُ قَالَ لَا، هَذِهِ مِنْ الْمَقَاتِلِ هَؤُلَاءِ لَا يُصَلَّى خَلْفَهُمْ وَلَا يُنَاكَحُونَ وَعَلَيْهِمْ التَّوْبَةُ.

وَسُئِلَ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٌ فَقَالَ فِيهِمْ مَا قَالَ ابْنُ إدْرِيسَ قِيلَ فَالْجَهْمِيَّةُ قَالَ لَا أَعْرِفُهُمْ قِيلَ لَهُ: قَوْمٌ يَقُولُونَ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ. قَالَ: لَا جَزَاك اللَّهُ خَيْرًا أَوْرَدَتْ عَلَى قَلْبِي شَيْئًا لَمْ يَسْمَعْ بِهِ قَطُّ. قُلْت فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَهُ، قَالَ: هَؤُلَاءِ لَا يُنَاكَحُونَ وَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ. وَسُئِلَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، فَقَالَ نَحْوُ ذَلِكَ، قَالَ: فَأَتَيْت وَكِيعًا فَوَجَدْته مِنْ أَعْلَمِهُمْ بِهِمْ فَقَالَ: يَكْفُرُونَ مِنْ وَجْهِ كَذَا وَيَكْفُرُونَ مِنْ وَجْهِ كَذَا حَتَّى أَكْفَرَهُمْ كَذَا وَكَذَا وَجْهًا.

قُلْت: وَهَكَذَا رَأَيْت الْجَاحِظَ قَدْ شَنَّعَ عَلَى حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، وَمُعَاذِ بْنِ مُعَاذٍ قَاضِي الْبَصْرَةِ بِمَا لَمْ يُشَنِّعْ بِهِ عَلَى غَيْرِهِمَا لِأَنَّ حَمَّادًا كَانَ مُعْتَنِيًا بِجَمْعِ أَحَادِيثِ الصِّفَاتِ وَإِظْهَارِهَا، وَمُعَاذٌ لَمَّا تَوَلَّى الْقَضَاءَ رَدَّ شَهَادَةَ الْجَهْمِيَّةِ وَالْقَدَرِيَّةِ فَلَمْ يَقْبَلْ شَهَادَةَ الْمُعْتَزِلَةِ، وَرَفَعُوا عَلَيْهِ إلَى الرَّشِيدِ فَلَمَّا اجْتَمَعَ بِهِ حَمِدَهُ عَلَى ذَلِكَ وَعَظَّمَهُ فَلِأَجَلِ مُعَادَاتِهِمْ لِمِثْلِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ هُمْ أَئِمَّةٌ فِي السُّنَّةِ يُشَنِّعُونَ عَلَيْهِمْ بِمَا إذَا حَقَّقَ لَمْ يُوجَدْ مُقْتَضِيًا لِذَمٍّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>