وَمِنْ ذَاتِ اللَّهِ وَتَكَلَّمَ اللَّهُ بِهِ وَلَيْسَ مِنْ اللَّهِ شَيْءٌ مَخْلُوقٌ.
وَرَوَى عَنْ جَمَاعَةٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ التِّرْمِذِيِّ قَالَ سَأَلْت أَحْمَدَ فَقُلْت: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَدْ وَقَعَ فِي أَمْرِ الْقُرْآنِ مَا قَدْ وَقَعَ فَإِنْ سُئِلْت عَنْهُ مَاذَا أَقُولُ، فَقَالَ لِي أَلَسْت أَنْتَ مَخْلُوقًا؟ قُلْت نَعَمْ، فَقَالَ أَلَيْسَ كُلُّ شَيْءٍ مِنْك مَخْلُوقًا؟ قُلْت نَعَمْ، قَالَ فَكَلَامُ اللَّهِ أَلَيْسَ هُوَ مِنْهُ؟ قُلْت نَعَمْ قَالَ فَيَكُونُ شَيْءٌ مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَخْلُوقًا قَالَ الْخَلَّالُ وَأَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ حَنْبَلٍ حَدَّثَنِي حَنْبَلٌ سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ قَالَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ} [التوبة: ٦] فَجِبْرِيلُ سَمِعَهُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، وَسَمِعَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ جِبْرِيلَ
وَسَمِعَهُ أَصْحَابُ النَّبِيِّ مِنْ النَّبِيِّ
فَالْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ وَلَا نَشُكُّ، وَلَا نَرْتَابُ فِيهِ وَأَسْمَاءُ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ وَصِفَاتُهُ فِي الْقُرْآنِ وَأَنَّ الْقُرْآنَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ مِنْهُ فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ فَهُوَ كَافِرٌ وَالْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ مِنْهُ بَدَأَ وَإِلَيْهِ يَعُودُ، وَقَدْ كُنَّا نَهَابُ الْكَلَامَ فِي هَذَا حَتَّى أَحْدَثَ هَؤُلَاءِ مَا أَحْدَثُوا وَقَالُوا مَا قَالُوا وَدَعَوْا النَّاسَ إلَى مَا دَعَوْهُمْ إلَيْهِ فَبَانَ لَنَا أَمْرُهُمْ وَهُوَ الْكُفْرُ بِاَللَّهِ الْعَظِيمِ. ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَزَالُ اللَّهُ عَالِمًا مُتَكَلِّمًا نَعْبُدُ اللَّهَ بِصِفَاتٍ غَيْرِ مَحْدُودَةٍ وَلَا مَعْلُومَةٍ إلَّا بِمَا وَصَفَ بِهَا نَفْسَهُ {سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: ١٨١] {غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: ١٧٣] {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} [الأنعام: ٧٣] {عَلامُ الْغُيُوبِ} [المائدة: ١٠٩] ؛ فَهَذِهِ صِفَاتُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَصَفَ بِهَا نَفْسَهُ لَا تُدْفَعُ وَلَا تُرَدُّ وَهُوَ عَلَى الْعَرْشِ بِلَا حَدٍّ كَمَا قَالَ {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف: ٥٤] كَيْفَ شَاءَ، الْمَشِيئَةُ إلَيْهِ وَالِاسْتِطَاعَةُ لَهُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ لَا يَبْلُغُهُ صِفَةُ الْوَاصِفِينَ وَهُوَ كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ نُؤْمِنُ بِالْقُرْآنِ مُحْكَمِهِ وَمُتَشَابِهِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدَ رَبِّنَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ} [الأنعام: ٦٨] نَتْرُكُ الْجِدَالَ فِي الْقُرْآنِ وَالْمُرَادُ فِيهِ لَا نُجَادِلُ وَلَا نُمَارِي وَنُؤْمِنُ بِهِ كُلُّهُ وَنَرُدُّهُ إلَى عَالِمِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَهُوَ أَعْلَمُ بِهِ مِنْهُ بَدَأَ وَإِلَيْهِ يَعُودُ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَقَالَ لِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ كَانَ اللَّهُ وَلَا قُرْآنَ فَقُلْت مُجِيبًا لَهُ: كَانَ اللَّهُ وَلَا عِلْمَ، فَالْعِلْمُ مِنْ اللَّهِ وَلَهُ وَعِلْمُ اللَّهِ مِنْهُ، وَالْعِلْمُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ فَمَنْ قَالَ أَنَّهُ مَخْلُوقٌ فَقَدْ كَفَرَ بِاَللَّهِ وَزَعَمَ أَنَّ اللَّهَ مَخْلُوقٌ فَهَذَا الْكُفْرُ الْبَيِّنُ الصُّرَاحُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute