للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَهُوَ مَا أُمِرَ بِهِ أَمْرَ إيجَابٍ أَوْ اسْتِحْبَابٍ، فَمَا كَانَ مِنْ الْبِدَعِ فِي الدِّينِ الَّتِي لَيْسَتْ مَشْرُوعَةً فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّهَا وَلَا رَسُولُهُ، فَلَا تَكُونُ مِنْ الْحَسَنَاتِ وَلَا مِنْ الْعَمَلِ الصَّالِحِ، كَمَا أَنَّ مَنْ يَعْمَلُ مَا لَا يَجُوزُ كَالْفَوَاحِشِ، وَالظُّلْمِ لَيْسَ مِنْ الْحَسَنَاتِ، وَلَا مِنْ الْعَمَلِ الصَّالِحِ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ: {وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: ١١٠] وَقَوْلُهُ: {أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ} [البقرة: ١١٢] فَهُوَ إخْلَاصُ الدِّينِ لِلَّهِ وَحْدَهُ، وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَقُولُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْ عَمَلِي كُلَّهُ صَالِحًا وَاجْعَلْهُ لِوَجْهِك خَالِصًا، وَلَا تَجْعَلْ لِأَحَدٍ فِيهِ شَيْئًا.

وَقَالَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ فِي قَوْلِهِ: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا} [الملك: ٢] قَالَ: أَخْلَصُهُ وَأَصْوَبُهُ.

قَالُوا: يَا أَبَا عَلِيٍّ مَا أَخْلَصُهُ وَأَصْوَبُهُ؟ قَالَ: إنَّ الْعَمَلَ إذَا كَانَ خَالِصًا وَلَمْ يَكُنْ صَوَابًا لَمْ يُقْبَلْ، وَإِذَا كَانَ صَوَابًا وَلَمْ يَكُنْ خَالِصًا لَمْ يُقْبَلْ، حَتَّى يَكُونَ خَالِصًا صَوَابًا، وَالْخَالِصُ أَنْ يَكُونَ لِلَّهِ، وَالصَّوَابُ أَنْ يَكُونَ عَلَى السُّنَّةِ.

فَإِنْ قِيلَ: فَإِذَا كَانَ جَمِيعُ مَا يُحِبُّهُ اللَّهُ دَاخِلًا فِي اسْمِ الْعِبَادَةِ فَلِمَاذَا عَطَفَ عَلَيْهَا غَيْرَهَا؛ كَقَوْلِهِ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: ٥] وَقَوْلِهِ: {فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} [هود: ١٢٣] وَقَوْلِ نُوحٍ: {اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ} [نوح: ٣] وَكَذَلِكَ قَوْلُ غَيْرِهِ مِنْ الرُّسُلِ، قِيلَ هَذَا لَهُ نَظَائِرُ كَمَا فِي قَوْلِهِ: {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [العنكبوت: ٤٥] وَالْفَحْشَاءُ مِنْ الْمُنْكَرِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ} [النحل: ٩٠] وَإِيتَاءُ ذِي الْقُرْبَى هُوَ مِنْ الْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ، كَمَا أَنَّ الْفَحْشَاءَ وَالْبَغْيَ مِنْ الْمُنْكَرِ.

وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>