أعطني ألف ريال بألف كيلو تمر مثلاً بعد ستة أشهر فهذا جائز وهو السَّلم الذي كان الصحابة يفعلونه وهنا المُسْلَم إليه باع ما ليس في ملكه وبعض العلماء فرق وقال إن السَّلم مؤجل وهذا حال والسَّلم الحال لا يصح وهذا واضح إذا قلنا بأن السَّلم الحال لا يصح لكن على القول بأن السَّلَم يصح ولو حالاً يبقى الإشكال وتَخلُّصاً من هذا كله أن نقول عِدْهُ ولا تبيع عليه ولا تعقد معه بل قل أنا آتي لك بصحيح البخاري بعد العصر مثلاً وإذا أتيت به عقدنا البيع فهذا لا بأس به ولا حرج فيه لكن المشكل أن يعقد البيع لأنه قد يعجز عنه فربما يقول أنا أبيع عليك البخاري بكذا ظناً منه أنه سوف يُحَصِّلُه ثم إذا ذهب إلى المكتبة قال صاحب المكتبة انتهى ما عندنا شيء وحينئذ يبقى إشكال ونزاع فلهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم (عن بيع ما ليس عنده) فصار بيع ما ليس عنده له صورتان الأولى أن يبيع شيئاً معيناً وهذا لا إشكال في منعه وأنه غير جائز لأنه ليس ملكاً وليس قادراً عليه إذ قد يمتنع مالكه من البيع والثانية أن يبيع عليه موصوفاً في الذمة ليس عنده ويذهب ويشتريه فهذا هو ظاهر حديث حكيم بن حزام والحديث يقول (لا تبع ما ليس عندك) ووجه النهي في هذا ليس لأنه باع ما لا يملك ذلك لأنه باع شيئاً في ذمته لكن الحكمة من النهي أنه قد يظن أنه قادر على إحضاره ثم لا يستطيع فيحصل الغرر والتغرير والنزاع والخصومة.
القارئ: فإن باع مال غيره بغير إذنه ففيه روايتان أحدهما لا يصح لذلك والثانية يصح ويقف على إجازة المالك فإن أجازه جاز وإن أبطله بطل لما روى عروة بن الجعد البارقي أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه دينارا ليشتري به شاة فاشترى به شاتين ثم باع إحداهما بدينار في الطريق قال فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم بالدينار وبالشاة فأخبرته فقال (بارك الله لك في صفقة يمينك) رواه الإمام أحمد والأثرم ولأنه عقد له مجيز حال وقوعه فوقف على إجازته كالوصية.