القول وأن كل يوم له كفارة مستقلة بخلاف من قتل أنفساً فإن من قتل أنفساً لابد لكل نفسٍ من كفارة فلو أن رجلاً حصل عليه حادث وهو فيه مفرط أو معتدي ومات معه عشرة لزمه أن يعتق عشرة رقاب فإن لم يجد صام عشرين شهراً ولا نقول هنا بالتداخل لأن كل نفس لا تجني على نفس أخرى وكل نفس مستقلة وفي الحديث أيضاً من الفوائد تسهيل الشرع على العباد لقوله صلى الله عليه وسلم (هل تجد رقبة تعتقها؟ قال لا قال فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال لا قال فهل تجد إطعام ستين مسكيناً؟ قال لا) وهذا لاشك أنه تيسير على المكلف إذا لم يستطع فإنه ينزل إلى ما دون ذلك فإن لم يستطع إطعام ستين مسكيناً ماذا يكون أمره؟ قال بعض العلماء إنها تسقط عنه لأنه لا واجب مع العجزوقد قال الله تعالى (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا) وقال بعض العلماء تكون في ذمته ديناً متى وجد أطعم لأنه بمنزلة الدين والذي يظهر أنها تسقط ما لم يحصل على ذلك في وقته وحينه فإنه يلزمه أن يكفر فلو مثلاً لزمته الكفارة اليوم فوجد الإطعام في أخر النهار أو من الغد فهذا لا نقول إنه معدم بل نقول يلزمه والدليل على هذا أنه لما قال هذا الرجل لا أستطيع وجاء التمر أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يتصدق به ولو سقطت لم يأمره وفيه أيضاً دليلٌ على إعطاء ولي الأمر ما يتصدق به على الفقراء وكان هذا من عادة الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك من كان أكثر مساساً بالناس وأعرف بالناس فإن إعطاؤه أو الاستنارة برائه مفيد ويؤخذ من هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب من سؤاله ومن قوله في الأخير أين السائل؟ وهو كذلك فالرسول عليه الصلاة والسلام لا يعلم الغيب إلا ما أطلعه الله عليه فإن الله أطلعه من الغيب على من لم يطلع به غيره ومن فوائد هذا الحديث ما نعود إليه ثانية صراحة الصحابة وأن الإنسان يذكر وصفه على أي حال كان لما قال تصدق به قال أعلى