ثمَّ أجَاب فِي مجْلِس آخر فقد أحسن فِيمَا أجَاب - فَقَالَ: لَا بل هُنَاكَ يرد كَمَا ذكرنَا، لِأَن النبهرجة إِذا زَادَت على الْخَمْسَة، تَيَقنا أَنه اسْتحق كل وَاحِد مِنْهُمَا رد شَيْء من هَذِه النبهرجة بِقدر مَا ذكرنَا.
فَلَو امْتنع الرَّد، إِنَّمَا يمْتَنع لكَون الْمَرْدُود على كل وَاحِد مِنْهُمَا، وَذَلِكَ مَشْكُوك، وَالثَّابِت بالمتيقن لَا يخْتل بِالشَّكِّ، بِخِلَاف مَا لَو أنْفق الْمَأْخُوذ، أَو أتْلفه لِأَن هُنَاكَ تَيَقنا أَن الَّذِي يرد عَلَيْهِ غير الْمَأْخُوذ مِنْهُ، فَجَاز أَن يمْتَنع حق الرَّد.
وَإِذا استفتى عَمَّن دفع إِلَى رجل درهما وضحا، وَقَالَ: اشْتَرِ لي بِنصْف لَحْمًا، وبنصف دِرْهَم قطنا، وَلم يزدْ على هَذَا، فَكيف يصنع الْوَكِيل حَتَّى لَا يضمن؟ فَإِن أجَاب أَنه يكسر الدِّرْهَم فقد أَخطَأ، لِأَنَّهُ يصير ضَامِنا، فَإِن أجَاب أَنه يَشْتَرِي بالدرهم الوضح مكسرة، فقد أَخطَأ أَيْضا، لِأَنَّهُ غير مَأْمُور بِالتَّصَرُّفِ، فَيصير مُخَالفا ضَامِنا.
وَيَنْبَغِي أَن يَقُول: لَا وَجه سوى أَن يَأْمر صَاحب الْقطن ليَشْتَرِي بِنَفسِهِ لَحْمًا بِنصْف دِرْهَم، أَو القصاب ليَشْتَرِي بِنَفسِهِ قطنا بِنصْف دِرْهَم، ثمَّ يَشْتَرِي الْوَكِيل مِنْهُ بدرهم.
وَإِذا استفتى عَمَّن وكل رجلا بِأَن يَشْتَرِي لَهُ عبدا بِأَلف دِرْهَم، فَاشْتَرَاهُ الْوَكِيل كَمَا أمره، لَكِن قَالَ عِنْد الشِّرَاء: اشْهَدُوا أَنِّي اشْتَرَيْته لنَفْسي.
فَإِن أجَاب أَنه جَازَ شِرَاؤُهُ لنَفسِهِ، أَو لِلْأَمْرِ، أَو لم يجز شِرَاؤُهُ، فقد أَخطَأ.
وَيَنْبَغِي أَن يَقُول: لَو اشْتَرَاهُ بِمحضر من مُوكله كَانَ شِرَاؤُهُ لنَفسِهِ، وَإِن اشْتَرَاهُ فِي حَال غيبته، فَهُوَ للْآمِر، لِأَن الْوَكِيل لَا يملك عزل نَفسه بِدُونِ علم الْمُوكل، كالموكل لَا يملك عَزله بِدُونِ علمه، وَإِذا لم يَنْعَزِل بَقِي وَكيلا، وَالْوَكِيل بِالشِّرَاءِ مَحْجُور عَن الشِّرَاء لنَفسِهِ على الَّذِي وكل بِهِ.
وَإِذا استفتى عَمَّن وكل رجلا بشرَاء عبد بِأَلف دِرْهَم، وَلم يدْفع إِلَيْهِ الثّمن، فَاشْتَرَاهُ الْوَكِيل، وَقبض، وَأدّى الثّمن، ثمَّ لقى الْآمِر فِي غير الْمصر الَّذِي فِيهِ العَبْد، فَطلب مِنْهُ الثّمن، وأبى الْآمِر أَن يدْفع حَتَّى يدْفع الْمُثمن، فَإِن قَالَ: لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute