وَإِذا استفتى عَن رجل لَهُ على رجلَيْنِ دين، فَأخذ من كل وَاحِد مِنْهُمَا خَمْسَة، وخلط بَعْضهَا بِبَعْض، ثمَّ وجد بعض الدَّرَاهِم نبهرجة، وكل وَاحِد مِنْهُمَا يُنكر أَن يكون النبهرجة ملكه، هَل لَهُ أَن يرد على أَحدهمَا؟ إِن أجَاب أَن لَهُ أَن يرد، أَو لَيْسَ لَهُ أَن يرد، فقد أَخطَأ.
وَيَنْبَغِي أَن يَقُول: إِن وجد درهما أَو دِرْهَمَيْنِ إِلَى خَمْسَة نبهرجة، لَا يرد أصلا، لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا يَقُول: إِن الْجِيَاد دراهمي، فَلَيْسَ لَك عَليّ حق الرَّد أصلا.
فَإِن وجد سِتَّة مِنْهَا نبهرجة، كَانَ لَهُ أَن يرد على كل وَاحِد مِنْهُمَا درهما، لأَنا تَيَقنا أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا أعطَاهُ درهما نبهرجة، فَكَانَ لَهُ حق الرَّد على كل وَاحِد مِنْهُمَا قطعا.
وَإِن وجد سَبْعَة، فعلى كل وَاحِد مِنْهُمَا دِرْهَمَيْنِ.
وَإِن وجد ثَمَانِيَة، فعلى كل وَاحِد مِنْهُمَا ثَلَاثَة دَرَاهِم.
وَإِن وجد تِسْعَة، فعلى كل وَاحِد مِنْهُمَا أَرْبَعَة، وَإِن كَانَ الْكل نبهرجة، رد كل وَاحِد مِنْهُمَا خَمْسَة.
قلت لاستاذنا رَحمَه الله: يَنْبَغِي أَلا يكون الرَّد فِي هَذِه الْوُجُوه كلهَا أصلا على قَول أبي حنيفَة - رَحمَه الله - لِأَن خلط الدَّرَاهِم على وَجه يتَعَذَّر التَّمْيِيز اسْتِهْلَاك عِنْده، وَالرِّوَايَة المحفوظة: أَن من كَانَ لَهُ على آخر دَرَاهِم جِيَاد فَأَخذهَا مِنْهُ زُيُوفًا، فأنفقها فِي حَاجته أَو استهلكها، ثمَّ علم، لَيْسَ على مديونه شَيْء عِنْد أبي حنيفَة.
وَأحد الرِّوَايَتَيْنِ عَن مُحَمَّد رَحمَه الله: لَهُ أَن يرد عَلَيْهِ مثل زيوفه، وَيرجع عَلَيْهِ بجياده، فَيَنْبَغِي أَلا يكون لَهُ حق الرَّد إِلَّا على قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد - رحمهمَا الله - بِنَاء على أَن الْخَلْط لَيْسَ استهلاكا عِنْدهمَا، أَو بِنَاء على أَن إِنْفَاق الزُّيُوف واستهلاكها، لَا يسْقط حَقه فِي الْجَوْدَة، أما على قَول أبي حنيفَة رَحمَه الله: لَا يرد أصلا، لما ذكرنَا من مذْهبه فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ.