للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إِن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يرى بها بأسًا، (١) يهوي بها سبعين خريفًا في النار " (٢).

وعنه رضي الله عنه أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " إِن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبيَّن ما فيها، يهوي بها في النار، أبعدَ ما بين المشرق والمغرب " (٣).

وسأل معاذ رضي الله عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " يا نبي الله! وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ " فقال: " ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يَكُبُّ الناسَ في النار على


(١) وفي لفظ للبخاري: " لا يلقي لها بالاً " أي: لا يتأملها بخاطره، ولا يتفكر في عاقبتها، ولا يظن أنها تؤثر شيئًا، وهي من نحو قوله تعالى: {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (١٥)} [النور: ١٥]، كما في " الفتح " (١١/ ٣١١).
(٢) رواه الترمذي رقم (٢٣١٤)، وقال: " حسن غريب "، والإمام أحمد (٢/ ٢٣٦)، وابن ماجه برقم (٣٩٧٠)، وهو في " صحيح ابن ماجه " برقم (٣٢٥٦).
(٣) رواه البخاري (١١/ ٣٠٨)، ومسلم رقم (٢٩٨٨)، واللفظ له، وفي لفظ البخاري: " ما يتبين فيها "، قال الحافظ: " أي لا يتطلب معناها، أي لا يثبتها بفكره، ولا يتأملها حتى يتثبت فيها، فلا يقولها إلا إن ظهرت المصلحة في القول " اهـ. من " الفتح " (١١/ ٣١١).
و (ما) الأولى نافية، و (ما) الثانية موصولة أو موصوفة.
و (قال ابن عبد البر: " الكلمة التي يهوي صاحبها بسببها في النار هي التي يقولها عند سلطان جائر "، وزاد ابن بطال: " بالبغي أو بالسعي على المسلم، فتكون سببًا لهلاكه "، وإن لم يرد القائل ذلك ... وقيل: " هي الكلمة عند ذي السلطان يرضيه بها فيما يسخط الله "، قال ابن التين: " هذا هو الغالب، وربما كانت عند غير ذي السلطان ممن يتأتى منه ذلك "، ونقل عن ابن وهب أن المراد بها التلفظ بالسوء والفحش ... وقال القاضي عياض: " يحتمل أن تكون تلك الكلمة من الخنى والرفث، وأن تكون في التعريض بالمسلم بكبيرة أو بمجون، أو
استخفاف بحق النبوة والشريعة وإن لم يعتقد ذلك "، وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام: " هي الكلمة التي لا يعرف القائل حسنها من قبحها ... " اهـ. بتصرف من " الفتح " (٣١١/ ١١).

<<  <   >  >>