والدليل الثاني: قال: أن أنس - رضي الله عنه - نص على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يجمع جمع التأخير دون جمع التقديم لأنه قال: إذا زالت الشمس قبل أن يسافر صلى الظهر فقط ولم يصل العصر بينما نص أنس على أنه - صلى الله عليه وسلم - إذا سافر بعد الزوال فإنه يجمع الظهر إلى العصر جمع تأخير.
= القول الرابع - الأخير: أنه لا يجوز الجمع مطلقاً إلا في عرفة ومزدلفة وهو مذهب الأحناف الذي اشتهروا به.
والدليل: أن أحاديث ونصوص المواقيت محكمة ومعلومة من الدين بالضرورة فلا تترك لظواهر النصوص.
فإذا قيل لهم: كيف تجيبون عن الأدلة الكثيرة للجمهور التي فيها الجمع صراحة؟
قالوا: الجمع في هذه الأحاديث يحمل على الجمع الصوري والجمع الصور هو أن نؤخر الصلاة الأولى ونقدم الصلاة الثانية ونصلي كل منهما في وقته المحدد شرعاً.
وهذا المذهب للأحناف ظاهر الضعف جداً وكما قال كثير من المحققين المتقدمين أن مذهب الأحناف يزيد من الصعوبة على المسافر ويضاعف المشقة ووجه ذلك:
أن على المسافر أن يتحرى آخر وقت الظهر ويتحرى أو وقت العصر فصار في هذا من المشقةأضعاف مما لو قيل له صل كل صلاة في وقتها بدون تحري لدقة متى يخرج هذا الوقت ومتى يدخل الوقت الثاني لأنه سيصلي الظهر قريب جداً من خروج وقته لأجل أن أصلي العصر بمجرد دخول وقت العصر فهو مذهب غريب وضعيف وفيه الحقيقة مصادمة ظاهرة للنصوص المتكاثرة التي فيها الجمع جمعاً واضحاً عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن أصحابه فمصادمة مثل هذه النصوص من الأحناف أمر غير صحيح ودليل على ضعف قولهم في هذه المسألة.
والراجح مذهب الجمهور مع قوة مذهب ابن حزم.
لذلك لا ينبغي للإنسان أن يجمع جمع تقديم بلا حاجة بل يجعله جمع تأخير فإن جمع التأخير مجمع على جوازه إلا عند الأحناف بينما جمع التقديم فهو رواية عن الإمام أحمد أنه لا يجوز دع عنك مذهب الظاهرية.
المهم نقول: الراجح إن شاء الله والأقرب للأدلة بوضوح مذهب الجماهير وهو جواز الجمع تقديم وتأخير نازلاً سائراً إلا أنه ينبغي مراعاة جمع التقديم أن لا يفعل إلا عند الحاجة لقوة ما استدل به ابن حزم.