الجمع في السفر حكمه عند الحنابلة أنه يجوز وهذه المسألة أيضاً فيها خلاف متشعب لكنه أقل من الخلاف في المسألتين السابقتين التي أشرت إلى شدة الخلاف فيهما.
فنقول:
=ذهب الجماهير من السلف والخلف إلى جواز الجمع تقديماً وتأخيراً سائراً ونازلاً إذا وجد الشرط وهو مسافة القصر.
واستدلوا على هذا بعدة أدلة:
الدليل الأول منها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جمع في عرفة جمع تقديم وفي مزدلفة جمع تأخير وقد كان في عرفة ومزدلفة نازلاً فهذا الحديث دل على الجمع بالنسبة للنازل والجمع تقديم وتأخير.
الدليل الثاني: صح عن أنس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا سافر بعد زوال الشمس أخر الظهر إلى العصر وصلاهما جميعاً وهذا جمع تأخير وإذا سافر بعد زوال الشمس فإنه يصلي الظهر ثم يركب ولم يذكر العصر.
الدليل الثالث: - الأخير - حديث أبي جحيفة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما كان نازلاً قريباً من مكة خرج في الهاجرة فصلى الظهر والعصر جمعاً وقصراً. وهذا الحديث صحيح.
نقول ظاهر هذا الحديث أنه جمع تقديم حتى الفقهاء لم يرو أنه نص.
إذاً هذا أدلة الجمهور وهي كما نرى أدلة قوية وسديدة.
= القول الثاني: للمالكية: أنه لا يجوز الجمع في السفر إلا لمن كان على ظهر سير فقط أما النازل فإنه لا يجوز له أن يجمع.
واستدلوا على ذلك:
بما صح عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجمع الظهر والعصر إذا كان على ظهر سير. يعني إذا كان سائراً.
والجواب عليه: أن ابن عمر لم ينف الجمع للنازل وإذا لم يذكره ابن عمر فقد ذكره غيره من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - الذين بينوا أنه كان يجمع نازلاً.
= القول الثالث: وهو رواية عن الإمام أحمد وتبناه ابن حزم أنه يجوز جمع التأخير دون التقديم.
واستدل على ذلك بأدلة منها:
أنه لم يصح حديث في جمع التقديم. وأما حديث معاذ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جمع في تبوك جمع تقديم فهو حديث معلول ضعفه الأئمة.