الدليل الثاني: أنّ صحابياً جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال هذه أمة لي أريد أن اعتقها فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لها أين الله قالت في السماء , فقال لها من أنا قالت رسول الله, فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - اعتقها فإنها مؤمنة. هذا اللفظ في مسلم وليس فيه تقييد بأنّ رجلاً ضرب أمته فأراد أن يعتقها, هذا اللفظ بدون تقييد في مسلم وهو صريح في أنّ عتق الرقبة يشترط فيه ماذا؟ الإيمان.
القول الثاني: أنه لا يشترط لأنّ الآية مطلقة , ولو أراد الله سبحانه وتعالى أن يقيّد هذه الآية لقيّدها وما كان ربك نسياً , والراجح والله أعلم المذهب وسبب الترجيح هو الحديث فإنّ الحديث دال على أنّ الإنسان إذا أراد أن يعتق كفارة عن عمل من الأعمال فإنه ينبغي أن تكون ماذا؟ أن تكون الرقبة مؤمنة ومما يؤيد هذا القول وهو من الأدلة التي تقوي ولا يعتمد عليها أنّه إذا اعتق رقبة مؤمنة فقد خرج عن العهدة بالإجماع بخلاف ما إذا أخرج رقبة ليست مؤمنة.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
(سليمة من عيب يضر بالعمل ضرراً بيّنا)
يشترط في الرقبة أن تكون سليمة من العيوب لكن المقصود بالعيوب هنا عيوب خاصة وهي العيوب التي تمنع من العمل فقط , أما العيوب التي لا تمنع من العمل فهي لا تؤثر في عتق الرقبة واستدل الحنابلة على هذا الشرط بأنّ المقصود من العتق تمليك العبد نفسه ليعمل في تحصيل معاشه وإذا اعتق وهو لا يتمكن من العمل لم يحصل هذا المقصود.
القول الثاني: الذي تبناه ابن حزم - رحمه الله - أنه لا يشترط أن تكون سليمة من العيوب لأنه إذا اعتق رقبة معيبة فقد اعتق رقبة أليس كذلك؟ فيصدق عليه عتق الرقبة وأنه أتى بالكفارة , ويبدوا لي وإن كانت المسألة تحتاج إلى جمع فتاوى الصحابة وتأمل يبدوا لي الآن أنّ مذهب ابن حزم أقوى لإطلاق الآية. ثم مثّل المؤلف على العيوب التي تمنع من العمل.
فقال المؤلف - رحمه الله -:
(كالعمى)
العمى يمنع من العمل ووجه ذلك أنّ جملة عظيمة من الأعمال لا يمكن أن يقوم بها الأعمى فلهذا نصوا عليه.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
(والشلل ليد أو رجل أو أقطعهما)