فإذاً: لا إشكال في أنه يجوزك للإنسان أن ينتفع بالجلد ولا يبيع منها شيئاً.
- ثم قال - رحمه الله -:
وإن تعيبت: ذبحها وأجزأته.
إذا تعيبت ومقصود المؤلف - رحمه الله - بعد التعيين فإنه يجوز أن يذبحها وإذا ذبحها فإنها تجزئ عنه.
وحكم هذه المسألة فيه تفصيل: وهي تنقسم إلى قسمين:
ـ القسم الأول: أن تتعيب بتعديه أو تفريطه. فحينئذ يجب عليه وجوباً أن يستبدلها بأخرى ويذبح ما يجزئ في الأضاحي من حيث الشروط لأنه متعد مخل بالأمانة.
ـ القسم الثاني: أن تتعيب بلا تعد ولا تفريط. ففي هذه المسألة خلاف:
= فالحنابلة يرون أنه لا يضمن هذه الأضحية ويذبحها وتجزئ عنه.
- لأن يده يد أمانة ولا ضمان على يد الأمانة إلا بالتعدي والتفريط.
= والقول الثاني: أنه يجب عليه أن يذبح ما يجزئ ولا تجزئه هذه المعيبة.
وهذا مذهب القائلين بوجوب الأضحية. فكل عالم يقول بوجوب الأضحية فإنه يقول: إذا تعيبت فإنه يجب أن تستبدلها بخير منها. لأنه إذا قال تجب الأضحية صارت واجبة في الذمة. وما يجب في الذمة فيجب أن يذبح سليماً من العيوب.
والراجح: أنه إذا لم يتعد ولم يفرط فإنه لا يضمن. لأن هذا مقتضى أن يده يد أمانة.
-
ثم قال - رحمه الله -:
إلاّ أن تكون واجبة في ذمته قبل التعيين.
إذا كانت واجبة في ذمته قبل التعيين فإنها إذا تعيبت فيجب أن يذبح أخرى سليمة، ومثال التي تجب في الذمة قبل التعيين: كالمنذورة فإذا قال رجل: لله علي نذر أن أضحي هذه السنة وجب في ذمته أضحية سليمة بخلاف الواجبة بالتعيين فإنها لا تجب في ذمته وإنما تجب بالتعيين.
يعني: أن الوجوب يتعلق بعين هذه البهيمة بينما الواجب في الذمة فالوجوب يتعلق بذمته ولا تبرأ الذمة إلا بأداء هذا الواجب الذي في ذمته فإذا كانت واجبة في الذمة وتعيبت فيجب عليه أن يذبح أخرى سليمة لأن الذمة لا تبرأ إلا بأداء سليمة.
والدليل على هذا من وجهين:
- الوجه الأول: القياس على من أراد أن يقضي الدين بمبلغ عينه ثم سرق.
فإذا خرج الإنسان بمبلغ يريد أداء دين عليه ثم هذا المبلغ سرق فهل يجب عليه أن يسدد دين الرجل وإلا يقول سرق المال الذي كنت ناوياً تسديدك به؟ الجواب: يجب أن يسدد. لماذا؟ لأنه واجب في الذمة.