للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسبب: أن عند أهل العلم قاعدة مفيدة وستتكرر معنا وهي: ((أن النية مع العمل تقوم مقام اللفظ) فإذا نوى وقَلَّد فكأنه قال: هذه أضحية أو هدي.

وهذا سيأتينا في أبواب متكررة وهي استعمال هذه القاعدة: (أإن النية مع الفعل تقوم مقام اللفظ) كما سيأتينا في الوقف مثلاً: فإن الإنسان إذا فتح باب مزرعته وجعلها مقبرة ناوياً التوقيف صارت هذه المزرعة مقبرة لا باللفظ ولكن بالعمل المقترن بالنية - كما سيأتينا في أبواب أخرى.

* * مسألة / فإن اشترى ناوياً: فقد تقدم معنا أن الذبيحة لا تتعين بالشراء بنية بدون لفظ.

= والقول الثاني: أنه إذا اشترى بنية تعينت هدياً ولو لم يتلفظ. وهذا اختيار شيخ الاسلام - رحمه الله - ونصره: بأن هذا الشراء وهو العمل مع النية قام مقام القول.

والراجح والله أعلم مذهب الحنابلة واختيار الشيخ - رحمه الله - هنا ليس بقوي: لأن طريقة الشارع أن الإنسان إذا هم بالصدقة ولم يخرجها فإنها لا تتعين بذلك. فلو اشترى عبداً ليعتقه فإنه لا يجب عليه بالإجماع أن يعتق هذا العبد فإذا غير نيته وأمسك العبد فلا حرج عليه، وعلى هذا تبين أن الشراء بالنية لا يقوم مقام اللفظ.

* * مسألة / النية مع الإشعار والتقليد يُعَيِّنُ الهدايا دون الضحايا. لأن من شأن الهدايا التقليد والإشعار دون الضحايا.

فتبين من هذه المسألة الأخيرة أن الأضحية لا يمكن أن تتعين إلا بالقول. إلا ما سيأتينا بعد قليل: مسألة الذبح فإن الذبح تتعين به لكن إذا ذبحت فحكمها حكم آخر، لكن الآن قبل الذبح لا تتعين الأضحية إلا بالقول فقط.

- ثم قال - رحمه الله -:

وإذا تعينت: لم يجز بيعها ولا هبتها.

هذا الحكم الأول لأنها تعينت وهو: أنه لا يجوز البيع ولا الهبة، وهذا بإجماع أهل العلم أن الأضحية أو الهدي إذا تعين لا يجوز أن يباع ولا أن يوهب ولا أن يهدى.

والدليل على ذلك:

- أنه أخرجها لله فلم يجز له الرجوع فيها.

- وثانياً: القياس الجلي على الوقف. فإن الأضحية إذا تعينت صارت من جنس الوقف.

فإن عَيَّنَ الأضحية ثم مات قبل أن تذبح فإنه لا يجوز للورثة أن يتصرفوا فيها تصرف الملاك بل يجب عليهم أن يذبحوها كأضحية لأنها تعينت والبيع والهبة حكمهما واحد.

-

<<  <  ج: ص:  >  >>