للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَفَعْنَا الْخَيْلَ شَائِلَةً عَلَيْهِمْ ... وَقُلْنَا بِالضُّحَى فِيحِي فَياحِ

وَيُرْوَى فِي هَذَا الْخُطْبَةِ أَوْ غَيْرِهَا أَنَّهُ قَالَ: إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِالسَّيْرِ إِلَيْهِمْ فِي أَيَّامِ الْحَرِّ، قُلْتُمْ هَذِهِ حَمَارَةُ الْقَيْظِ، أَمْهِلْنَا يُسْبِخُ عَنَّا الْقَيْظُ، وَإِنْ أَمَرْتُكُمْ بِالسَّيْرِ إِلَيْهِمْ فِي الشِّتَاءِ، قُلْتُمْ أَمْهِلْنَا يَنْسَلِخُ عَنَّا الْقُرُّ، كُلُّ هَذَا فِرَارًا مِنَ الْحَرِّ وَالْقُرِّ، فَأَنْتُمْ وَاللَّهِ مِنَ السَّيْفِ أَفَرُّ، يَا أَشْبَاهَ الرِّجَالِ وَلَا رِجَالٌ، أَحْلَامُ الْأَطْفَالِ، وَعُقُولُ رَبَّاتِ الْحِجَالِ، وَدِدْتُ أَنَّ اللَّهَ أَخْرَجَنِي مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِكُمْ، وَقَبَضَنِي إِلَى رَحْمَتِهِ مِنْ بَيْنِكُمْ، وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَرَاكُمْ، وَلَمْ أَعْرِفْكُمْ، مَعْرِفَةً، وَاللَّهِ جَرَّتْ نَدَمًا، وَرَيْتُمْ صَدْرِي غَيْظًا، وَجَرَّعْتُمُونِي نُغَبَ التَّهْمَامِ أَنْفَاسًا، حَتَّى قَالَتْ قُرَيْشٌ: إِنَّ ابْنَ أَبِي طَالِبٍ رَجُلٌ شُجَاعٌ، وَلَكِنْ لَا عِلْمَ لَهُ بِالْحَرْبِ، لِلَّهِ أَبُوهُمْ، هَلْ فِيهِمْ أَحَدٌ أَطْوَلُ لَهَا مِرَاسًا، أَوْ أَشَدَّ لَهَا ضِرَاسًا مِنِّي؟ وَاللَّهِ لَقَدْ جَرَيْتُ فِيهَا، وَمَا بَلَغْتُ الْعِشْرِينَ، فَهَا أَنَذَا قَدْ ذَرِفتُ عَلَى السِّتِّينَ، وَلَكِنْ لَا رَأْيَ لِمَنْ لَا يُطَاعُ.

قَوْلُهُ: جَرَّعْتُمُونِي نُغَبَ التَّهْمَامِ أَنْفَاسًا.

فَإِنَّ النُّغَبَ جَمْعُ نُغْبَةٍ، وَهِيَ الْقَلِيلُ مِنَ الْمَاءِ يَتَجَرَّعُهُ الرَّجُلُ.

قَالَ يَعْقُوبُ: يُقَالُ مِنْهُ: نَغَبْتُ مِنَ الْإِنَاءِ نُغَبًا، إِذَا جَرِعْتُ مِنْهُ جُرْعًا

<<  <  ج: ص:  >  >>