وعلى هذا تعلمونَ أن دينَ الإسلامِ أَوَّلاً يأمرُ بالقوةِ والتقدمِ في كُلِّ الميادينِ، وَقَهْرِ الكفارِ، والعظمةِ والقوةِ في كُلِّ الميادين، مع أن أهلَه منصورونَ من خالقِ السمواتِ والأرضِ (جل وعلا)، فالإسلامُ هُوَ هُوَ، وصلتُه بِاللَّهِ هِيَ هِيَ، وقوتُه [هِيَ هِيَ, إلا أن أعداءَ الإسلامِ عَمِلُوا على التفريقِ بين هذه العقيدةِ](١) وأهلِها، فَنَجَحُوا في ذلك بعدَ عشراتِ القرونِ، نَجَحُوا فيه عن طريقِ تعليمِ النشءِ، يأخذونَ أولادَ المسلمين ويغرسونَ في قلوبِهم ما شَاؤُوا من الكفرياتِ والإلحادياتِ وتصويرِ الإسلامِ ورجالِ الإسلامِ العظامِ بصورٍ مُشوَّهةٍ مُنَفِّرَةٍ، بعيدةٍ من الحقيقةِ بُعْدَ الشمسِ من اللمسِ.
واليومَ نَجَحُوا نجاحًا باهرًا، فصارَ جميعُ شبابِ المسلمين - إِلَاّ مَنْ شَاءَ اللَّهُ - ينظرونَ إلى الإسلامِ بعينٍ عوراءَ لا تعرفُ الحقيقةَ، يتصورونَه بصورةٍ مشوهةٍ خسيسةٍ، بعيدةٍ عَنِ الحقائقِ كُلَّ البعدِ - والعياذُ بالله - وبهذا فَصَلُوا المسلمين عن شَرْعِهِمْ وَتُرَاثِهِمْ، حتى صَارُوا يُحَكِّمُونَ قوانينَ إبليسَ، وَفَصَلُوهُمْ عَنْ مَجْدِهِمْ، وعن قُوَّتِهِمْ باللَّهِ جل وعلا.
ونحنُ دائمًا نَذْكُرُ أمثالَ هذا لنُوَجِّهَ المسلمين إلى قوةِ الإسلامِ، وقوةِ صلتِه بِاللَّهِ، وأن أعداءَ اللَّهِ إنما تَوَصَّلُوا لإهانتِهم وَتَشْتِيتِهِمْ بعدَ أن حَالُوا بينَهم وبينَ الدِّينِ بِكُلِّ الوسائلِ.
فعلى المسلمينَ أن يَعْلَمُوا أن خالقَ السماواتِ والأرضِ هو الذي له التشريعُ، وأن تشريعَه هو التشريعُ الذي يقومُ بالمصالحِ
(١) في هذا الموضع وُجد انقطاع في التسجيل. وللشيخ رحمه الله كلام بنحو هذا في تفسير سورة الأنعام، الآيات (١١٥، ١٥٥)، الأعراف (٣، ٣٨)، الأنفال (٣٠، ٤٥، ٦٠)، التوبة (٣٠)، وفي الرحلة الى إفريقيا. وما بين المعقوفين زيادة يتم بها الكلام.