للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهو حسن النظر في الصرف في المصرف؛ لأن الصنيعة إذا لم تطابق مصرفها فلا فائدة فيها:

إن الصَّنيعة لا تُعَدّ صنيعةً ... حتى يُصَاب بها طريق المَصْنَعِ (١)

والبذل فيما لا يجدي ليس من الاقتصاد في شيء، وإنما هو تبذير، وقد ذم بعض الأدباء من يعطي ويمنع غير مركز ذلك على الحكمة فقال (٢):

لا تَمْدَحَنَّ ابنَ عباد وإن هَطَلتْ ... يداهُ كالمُزنِ حتى تُخْجِل الدِّيَما ...

فإنها فلتات من وسَاوسه ... يعطي ويمنع لا بخلاً ولا كرما

فقوله في هذه الآية: {فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً} [لأنفال: الآية ٣٦] بينت أن الصرف فيما لا يرضي الله أنه ندامة وحسرة، وأنه إخلال بأحد ركني الاقتصاد، فلا بد أن يكون الصرف واقعًا موقعه فيما يرضي من خلق هذا الكون.

وهذا الأمر - الذي هو الاقتصاد - أمر عظيم؛ لأن المال شريان الحياة، ولا سيما في هذا الزمن التي كانت طرق الاقتصاد إنما مهّدها ومهد جميع الطرق إلى اكتساب الأموال كائنة ما كانت، مهدها كفرة فجرة لا يدينون لله، ولا يأتمرون بأمره، فجعلوا أسسها مبنية على الربا وعلى الحرام، وعلى الغرر وعلى جميع المعاملات التي لا ترضي الله، ومع الأسف كان المتسمون باسم الإسلام ذَنَبًا


(١) البيت في تاريخ دمشق (٢٧/ ٢٩٤)، الكامل ص١٧٩ وذكره الشيخ (رحمه الله) في الأصول (١/ ٤٧) وهو لعيسى بن يزيد البجلي، أو للهذيل الأشجعي.
(٢) البيتان لدعبل بن علي الخزاعي، وهما في ديوانه ص١٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>