{مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُم بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُم بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ}[العنكبوت: آية ٢٥] وقال جل وعلا: {وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (٨١) كَلَاّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا (٨٢)} [مريم: الآيتان ٨١، ٨٢] ولذا قال هنا: {فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} ولن يستجيبوا لكم أبدًا، ومن يدع من دون الله من لا يستجيب له لا أضل منه، كما صرح الله به في قوله:{وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُواْ مِن دُونِ اللَّهِ مَن لَاّ يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ}[الأحقاف: آية ٥] وهذا معنى قوله: {فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}[الأعراف: آية ١٩٤].
ثم بيّن انحطاط درجة المعبودات عن درجة العابدين، وكأنه يقول لهم: بلغت عقولكم من السخافة حتى عبدتم من أنتم خير منه وأكمل!! ومعبود يكون عابده أكمل منه فهذا لا ينبغي لأحد أن يعبده، كما قال تعالى في الأصنام المعبودات وهي جمادات معبّرًا بهمزة الاستفهام -استفهام الإنكار- المضمنة معنى النفي:{أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا} أنتم أيها العابدون كل واحد منكم ذو رجلين يمشي عليهما ويتصرف، والذي يعبده جماد لا يقدر أن يتحرك ولا يمشي، فكيف تعبدون مَنْ أَنْتم أكْمَل منه وأقْدَر؟! هذا عمى وسخافة؛ ولذا
(١) وفيه قراءات غير ما ذكر، انظر: المبسوط لابن مهران ص٣٤٤، السبعة ص٤٩٨ ..